للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن مثل هذا الذي زعم أنه تجسيم وتكييف قد ورد ما هو مثله أو أبلغ منه في كتاب الله، وفي الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا كان هذا عنده تجسيمًا وتكييفًا فلازم كلامه أن الله وصف نفسه بالتجسيم والتكييف، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن زعم هذا فقد انسلخ من العقل والدين.

فاسمع الآن ما ذكر الله في كتابه: قال الله تعالى:? {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} ١. وقال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} ٢. وقال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} ٣ في ستة مواضع من كتابه العزيز.

وقال تعالى:? {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} ٤، ووصف نفسه بأنه يحب عباده المؤمنين.

وكذلك وصف نفسه بالغضب والسخط في غير آية من القرآن، وكذلك وصف نفسه بأنه سميع بصير، وبأن له يدين، كقوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ٥، وقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ٦، وبأنه يقبض الأرض يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عما يشركون.

وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن الله يقبض الأرض يوم القيامة ويطوي السماوات بيمينه، ثم يهزهن بيده، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ "٧.

وقال تعالى:? {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} ٨. وأمثال ذلك كثير في الكتاب والسنة، وقد أمرنا الله بتدبر القرآن وتفهمه.

إذا تبين هذا، فقد أوجب الله تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم على كل مسلم فيما أخبر به عن الله من أسمائه وصفاته، مما جاء في القرآن وفي السنة الثابتة عنه، كما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين، والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، رضي الله عنهم ورضوا عنه.

فإن هؤلاء الذين تلقوا عنه القرآن، كعُثْمَان بن عَفَّان وعبد الله بن مَسْعُود وغيرهم، قد أخبروا أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم


١ سورة البقرة آية: ٢١٠.
٢ سورة الأنعام آية: ١٥٨.
٣ سورة الأعراف آية: ٥٤.
٤ سورة الملك آية: ١٦، ١٧.
٥ سورة ص آية: ٧٥.
٦ سورة المائدة آية: ٦٤.
٧ البخاري: تفسير القرآن (٤٨١٢) , ومسلم: صفة القيامة والجنة والنار (٢٧٨٧) , وابن ماجه: المقدمة (١٩٢) , وأحمد (٢/ ٣٧٤) , والدارمي: الرقاق (٢٧٩٩).
٨ سورة الفجر آية: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>