للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى قوله: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} ١ الآية. وثبت في الصحيحين أنه قال: "إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، وإنما وليّي الله وصالح المؤمنين"٢.

وفي الحديث الصحيح: "من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه"٣، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ٤، وقال تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} ٥، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} ٦ الآية.

(الوجه الثاني): قوله: "فإن الناس أذعنوا لأهل الشام، ولم يقدروا على منازعتهم، إلا أهل البيت وشيعتهم". وهذا كذب ظاهر يعرفه من له أدنى معرفة بالأخبار والتواريخ؛ وذلك لأن بني أُمَيَّة قد نازعهم في خلافتهم غير أهل البيت، فنازعهم ابن الزبير حتى تولى على الحجاز والعراق واليمن وغير ذلك من بلاد الإسلام، ولم يخرج عن ولايته إلا طائفة قليلة من أهل الشام، فأرسل مَرْوَان بن الحَكَم إليهم ليأخذ بيعته، فخلعه وأخذ البيعة لنفسه، وبايعه كثير من أهل الشام، كما ذكر ذلك أبو مُحَمَّد بن حَزْم في سيرته.

ثم خرج على مروان كثير من أهل الشام، فنازعوه وقاتلوه، ثم جرت وقعة بـ"مَرْجِ رَاهِطٍ" بين الضَحَّاك ومروان، وقُتِل النُّعْمَان بن بَشِيرٍ -رضي الله عنهما-، والأصح -كما قال الذهبي وغيره من أهل العلم- أن مروان لا يُعَدُّ في إمرة المؤمنين، بل باغٍ خارج على ابن الزُّبَير، ولا عهده على ابنه عبد الملك صحيح، وإنما صحت خلافة عبد الملك حين قتل ابن الزبير.

وذلك أن عبد الملك جهّز لقتاله الحجاجَ في أربعين ألفا، فحصره بمكة أشهرًا، ورمى عليه بالمنجنيق، وخذل ابنَ الزبير أصحابُه، فتسللوا إلى الحجاج، فظفر به، وقتله وصلبه.

وفي أيام ابن الزبير خرج المختار بن أبي عُبَيد، وتبعه طوائف من الناس، وقاتلوا عبد الله بن زياد فقتلوه، وأرسل المختار برأسه إلى زَيْنِ العَابِدِين عَلِيّ بن الحُسَيْن بالمدينة، وتولى على العراق وطرد بني أمية عنه، ثم بعد ذلك ادَّعَى النبوة، فأرسل إليه عبد الله بن الزبير أخاه مُصْعَبا معه جيش، فحاربوه حتى قتلوه، وأخذوا منه العراق. وفي أيام يزيد بن


١ سورة الأحزاب آية: ٣٢.
٢ البخاري: الأدب (٥٩٩٠) , ومسلم: الإيمان (٢١٥) , وأحمد (٤/ ٢٠٣).
٣ مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٩٩) , والترمذي: القراءات (٢٩٤٥) , وابن ماجه: المقدمة (٢٢٥) , وأحمد (٢/ ٢٥٢) , والدارمي: المقدمة (٣٤٤).
٤ سورة الحجرات آية: ١٣.
٥ سورة آل عمران آية: ٦٨.
٦ سورة آل عمران آية: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>