للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما ذكرنا يتبين للمنصف اللبيب أن أهل السنة والجماعة هم أسعد الناس بفهم كتاب الله وتعقله وتفهمه وتدبره، وقد هداهم الله لما اختُلف فيه من الحق، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

[الوجه الثاني: عشر حقيقة الاستواء في لغة العرب]

(الوجه الثاني عشر): قوله: (قد صرَّحت بأن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ١ دلَّ على الاستواء على العرش كما فهمناه من كلامك وخطابك. ولغة العرب حاكمة بأن حقيقة الاستواء على العرش الجلوس عليه، وهو القعود مع تعطف الرجلين ورجوع بعضها إلى بعض، تعالى الله عن ذلك، فهذا حقيقته عند العرب).

فيقال: هذا كذب ظاهر على اللغة العربية، وليس هذا حقيقته عند العرب في حق الباريء -تعالى-، وإذا كان علماء العربية قد بينوا أن الاستواء في حق المخلوق يطلق على معانٍ كثيرة، كالاستيلاء والاستقرار وغير ذلك، فكيف يقول هذا الجاهل: إن لغة العرب حاكمة بأن حقيقة الاستواء على العرش الجلوس عليه، وهو القعود مع تعطف الرجلين ورجوع بعضها على بعض، تعالى الله عن ذلك، فهذا حقيقته عند العرب.

ولكن هذا المعترض وشيعته -لظلمة قلوبهم وزيغها عن الحق- لا يفهمون من صفات الله إلا ما يفهمونه من صفات المخلوقين؛ ولذلك زعموا أن ظاهر هذه النصوص الواردة في القرآن والسنة تشبيه وتجسيم وتكييف، وكلامنا في هذا الوجه وما قبله من الوجوه شافٍ كافٍ في نقض كلامه وبيان بطلانه لمن أراد الله هدايته، والله أعلم.

فصل

[مذهب آل البيت في الصفات]

وأما قوله: (فإن قلت: قد أَبَنْت خطأ المجيب وتخليطه، وذكرت في كلامك أن المرجع عند الشبه إلى قرناء كتاب الله -تعالى- أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما تحقيق مذهبهم في الصفات؟ وما أثبت الله -تعالى- لنفسه في صريح الآيات من اليد والاستواء وغيرهما حتى تطمئن القلوب إليه، ويكون المُعَوِّل في الاعتقاد عليه). ثم نقل عن


١ سورة طه آية: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>