للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} ١.

وهذا لا حجة لهم فيه؛ لأن الرواة، وحملة الأخبار، وجميع التواريخ القديمة، وكواف بني إسرائيل ينقلون بلا خلاف نقلا يوجب العلم: أن داود -عليه السلام- كان له بنون ذكور جماعة غير سليمان؛ فصح أن سليمان ورث النبوة، وهكذا القول في ميراث يحيى بن زكريا -عليهما السلام- وبرهان ذلك من نص الآية نفسها قول زكريا -عليه السلام-: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} ٢.

فأي شيء كان يرث من آل يعقوب؟ لكل سبط من أسباط يعقوب عصبات عظيمات، وهم مئو ألوف، فصح أنه إنما رغب في ولد يرث عنه، وعن آل يعقوب النبوة فقط. وأيضا فمن المحال أن يرغب زكريا في ولد يحجب عصبته عن ميراث إذ إنما يرغب في هذا ذو الحرص على الدنيا وحطامها.

وقد كان العباس حيا قائما إذ مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ادعى العباس لنفسه في ذلك حقا، لا حينئذ، ولا بعد ذلك. فصح أنه رأي محدث فاسد لا وجه للاشتغال به، وما رضيه أحد قط من خلف ولده، ولا من أماثلهم ترفعا عن سقوط هذه الدعوى ووهنها، وبالله التوفيق.

[مذهب الروافض والزيدية في الإمامة]

وأما القائلون بأن الإمامة لا تكون إلا في ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإنهم انقسموا قسمين: فقالت طائفة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على علي رضي الله عنه بأنه الخليفة بعده. وإن الصحابة -رضي الله عنهم- بعد موته اتفقوا على ظلم علي رضي الله عنه وعلى كتمان ذلك النص. وهؤلاء هم الروافض.

وطائفة قالت: لم ينص النبي صلى الله عليه وسلم على علي، لكنه كان أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحقهم بالخلافة، وهؤلاء هم الزيدية "نسبوا إلى زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم"، ثم اختلفت الزيدية فرقا، فقالت طائفة أن الصحابة ظلموه، فكفروا كل من خالفه من الصحابة -رضي الله عنهم- وهم الجارودية.

وقالت طائفة: لم يظلموه، لكن طابت نفسه بتسليم حقه إلى أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- وأنهما إماما هدى، ووقف بعضهم في عثمان -رضي الله عنه- وتولاه بعضهم. وجميع الزيدية لا يختلفون في أن الإمامة في جميع بني


١ سورة مريم آية:٥، ٦.
٢ سورة مريم آية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>