للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوضيح والآجرومية في النحو؟! وهذا لا يمنع كونه جاهلا في التوحيد الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم كما جهله من هو أعلم منه، وأقدم منه ممن لهم تصانيف في المعقول كالفخر الرازي وأبي معشر البلخي ونحوهما ممن غلط في التوحيد.

وقد كان خالد هذا يشاهد أهل مصر يعبدون البدوي وغيره فما أنكر ذلك في شيء من كتبه، ولا نقل عنه أحد إنكاره، فلو صحَّ ما ذكره خالد من حال الناظم لم يكن جسرا تذاد عنه النصوص من الآيات المحكمات القواطع، والأحاديث الواضحات البينات كقوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} ١ وقوله: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} ٢، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يدعو لله ندا، دخل النار"٣.

وقد يستدرج الله أهل الشرك بأمور تقع لهم يظنونها كرامات عقوبة لهم، وكثير منها أحوال شيطانية أعانوا بها أولياءهم من الإنس كما قد يقع كثيرا لعباد الأصنام، وما أحسن ما قال بعضهم:

تخالف الناس فيما قد رأوا ورووا ... وكلهم يدعون الفوز بالظفر

فخذ بقول يكون النص ينصره ... إما عن الله أو عن سيد البشر

وقد حاول هذا الجاهل المعترض صرف أبيات البردة عما هو صريح فيها نص فيما دلَّت عليه من الشرك في الربوبية والإلهية ومشاركة الله في علمه وملكه، وهي لا تحتمل أن تصرف عما هي فيه من ذلك الشرك والغلو، فما ظفر هذا المعترض من ذلك بطائل، غير أنه وسم نفسه بالجهل والضلال والزور والمحال، ولو سكت لسلم من الانتصار لهذا الشرك العظيم الذي وقع فيه.

[حكمة الرب في خلق السماوات والأرض]

وأما قول المعترض: ورد في الحديث: "لولا حبيبي محمد ما خلقت سمائي ولا أرضي ولا جنتي ولا ناري" فهذا من الموضوعات لا أصل له، ومَنْ ادَّعى خلاف ذلك فليذكر من رواه من أهل الكتب المعتمدة في الحديث، وأنى له ذلك؟ بل هو


١ سورة النساء آية: ٣٦.
٢ سورة المؤمنون آية: ١١٧.
٣ البخاري: تفسير القرآن (٤٤٩٧) , وأحمد (١/ ٣٧٤ ,١/ ٤٠٢ ,١/ ٤٠٧ ,١/ ٤٦٢ ,١/ ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>