للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلوم عند العلماء قاطبة بل وعند العامة أنها أسماء رجال صالحين صورها قومهم أصناما على صورهم وسموها بأسمائهم، فآل بهم الأمر إلى أن عبدوها وهي موجودة في الخارج لا يشك في وجودها أحد، ولا ريب أنها منتفية بكلمة الإخلاص لا إله إلا الله.

وهذه الأصنام استخرجها عمرو بن لحي الخزاعي الكاهن لما كان واليًا على مكة قبل قريش وفرقها في العرب فعبدوها كما عبدها قوم نوح كما ذكره البخاري في صحيحه.

(الوجه الخامس): ما ذكره الله عن قوم هود لما دعاهم هود عليه السلام إلى أن يعبدوا الله وحده ويتقوه، قال لهم: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} ١، ٢، فأجابوا بقولهم: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} ٣، فظهر أن لهم ولآبائهم معبودات في الخارج يعبدونها من دون الله، ودعوة الرسل تبطل عبادتها.

وتقدم ما ذكره الله تعالى في سورة هود من قولهم لهود عليه السلام: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} ٤، وهذا لا يقال إلا على آلهة موجودة تعبد، ودلت هذه الآيات على أن الإلهية هي العبادة، وأن المشركين وضعوها فيمن لا يستحقها من صنم ووثن وطاغوت وغير ذلك.

(الوجه السادس) قول يوسف عليه السلام: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} ٥. فسبحان الله أين ذهب عقل الفيلسوف حين اعتقد أن المنفي كلي لا يوجد إلا ذهنا؟!

ومعلوم أنه لا يكون له إعداد على هذا الاعتقاد الباطل، وتبين أن كلمة الإخلاص نفت أربابا متفرقين وضعت عليها أسماء ما أنزل


١ سورة يوسف آية: ٤٠.
٢ هذه الآية في قول يوسف عليه السلام. أما قول هود -عليه السلام- فهو: (أتجادلونني في أسماء إلخ) من سورة الأعراف.
٣ سورة الأعراف آية: ٧٠.
٤ سورة هود آية: ٥٤.
٥ سورة يوسف آية: ٣٩، ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>