للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نهي النبي أمته أن يجعلوا قبره عيدا]

الوجه الثالث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أمته أن يجعلوا قبره عيدا.

أخرج أبو داود بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم"١.

وأخرج أبو يعلى في مسنده، والحافظ الضياء في المختارة، عن علي بن الحسين أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم"٢.

وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن سهل بن سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنه عند القبر فناداني-وهو في بيت فاطمة يتعشى- فقال: هلم إلى العشاء. فقلت: لا أريده، فقال: ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سلم إذا دخلت المسجد، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: "لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم"٣، ما أنت ومن بالأندلس إلا سواء.

فهذا علي بن الحسين أفضل التابعين من أهل البيت، والحسن بن الحسن سيد أهل البيت في زمانه، لم يفهموا من نهي النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تتخذوا قبري عيدا"٤ إلا نهي أمته عن اعتياد المجيء إلى قبره وملازمته، لأن الصلاة عليه تبلغه صلى الله عليه وسلم من المصلي وإن كان بعيدا عن قبره. ولما في ذلك النهي من سد الذريعة عن العكوف عند القبر، وتعظيمه بما لم يشرع.

والعكوف عبادة شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المساجد تقربا بها إلى الله، فلا يجوز أن يفعل ما هو مشروع في المساجد عند القبور، فإن الملازمة والعكوف عندها


١ أبو داود: المناسك ٢٠٤٢ , وأحمد ٢/ ٣٦٧.
٢ أبو داود: المناسك ٢٠٤٢ , وأحمد ٢/ ٣٦٧.
٣ أبو داود: المناسك ٢٠٤٢ , وأحمد ٢/ ٣٦٧.
٤ أبو داود: المناسك ٢٠٤٢ , وأحمد ٢/ ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>