للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ١.

وفي حديث أنس مرفوعا: "من تعلم العلم ليباهي به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه، فهو في النار"٢ وهذا القول كاف في النصيحة. وفقنا الله وإياكم لحسن القبول.

وقد بلغني أنكم اختلفتم في مسائل أدى إلى النّزاع والجدال، وليس هذا شأن طلاب الآخرة، فاتقوا الله، وتأدبوا بآداب العلم، واطلبوا الثواب من الله في تعلمه وتعليمه، وأتبعوا العلم العمل، فإنه ثمرته في حصوله، كما في الأثر: "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم"، وكونوا متعاونين على البر والتقوى.

ومن علامة إخلاص طالب العلم أن يكون صموتا عما لا يعنيه، متذللا لربه، متواضعا لعباده، متورعا متأدبا، لا يبالي ظهر الحق على لسانه أو لسان غيره، ولا ينتصر لنفسه ولا يفتخر، ولا يحقد ولا يحسد، ولا يميل به الهوى، ولا يركن إلى زينة الدنيا.

[طواف القدوم والسعي من الحائض]

وأما المسألة الأولى وهي: هل يصح من الحائض إذا قدمت مكة أن تسعى قبل الطواف أم لا؟

الجواب: لا يصح السعي إلا بعد طواف صحيح لنسك من الأنساك، أما المفرد والقارن، فسعيهما بعد طواف القدوم مجزئ لحجتهما كما يجزئ للقارن لعمرته، وأما المتمتع فيسعى بعد طواف العمرة لها، ولا يجزئه للحج إلا أن يسعى بعد طواف الإفاضة.

قال بعضهم: يطوف للقدوم ويسعى بعده. والمختار أنه لا يطوف للقدوم، وليس إلا طواف الزيارة، وعليه أن يسعى بعده للحج، فإن سعى قبله لم يجزه.

قالوا: ويجب أن يكون السعي بعد، طواف واجب أو مستحب. هذا كلام الحنابلة، لا اختلاف بينهم في ذلك. وقال الشافعية: لو سعى ثم تيقن أنه ترك شيئا من الطواف لم يصح سعيه، فيلزمه أن يأتي ببقية الطواف. فإذا أتى ببقيته أعاد


١ سورة هود آية: ١٥.
٢ الترمذي: العلم ٢٦٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>