للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغيرها، ولا يخرج عن التحريم إلا ما استثناه الشارع من مقدار الأربع الأصابع من الحرير الخالص، سواء وجد ذلك القدر مجتمعا كما في القطعة الخالصة أو متفرقا كما في الثوب المشوب.

وقد نقل الحافظ في الفتح عن العلامة ابن دقيق العيد أنه إنما يجوز من المخلوط ما كان مجموع الحرير فيه أربع أصابع لو كانت منفردة بالنسبة إلى جميع الثوب. اهـ.

قلت: وقد قرر هذا الحافظ في فتح الباري بأدلته فقال: واستدل بالنهي عن لبس القسي على منع لبس ما خالطه الحرير من الثياب لتفسير القسي بأنه ما خالط غير الحرير فيه الحرير، ويؤيده عطف الحرير على القسي في حديث البراء. ووقع كذلك في حديث علي عند أحمد وأبي داود والنسائي بسند صحيح على شرط الشيخين من حديث عبيدة بن عمرو عن علي -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القسي والحرير"١، فعلى هذا يحرم الذي يخالطه الحرير. اهـ.

فهذا حافظ الدنيا في عصره صرح بتحريم لبس ما خالطه الحرير، وهذا مقتضى الدليل. وقال البخاري في صحيحه: قال عاصم عن أبي بردة قلنا لعلي: ما القسية؟ قال: "ثياب أتتنا من الشام أو مصر مضلعة فيها حرير، وفيها أمثال الأترج". وقال جرير عن يزيد: ثياب مضلعة يجاء بها من مصر فيها الحرير، ثم ساق بسنده حديث البراء بن عازب قال: "نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن المياثر الحمر والقسي"٢ وفي رواية له: "ونهانا عن لبس الحرير والديباج والقسي والإستبرق ومياثر الحمر"٣. اهـ.

وقال النسائي: القسي ثياب من كتان مخلوط بحرير، يؤتى بها من مصر نسبت إلى قرية على ساحل البحر قريب من تنيس يقال لها: القس بفتح القاف. اهـ. وقال أبو عبيد: هي ثياب يؤتى بها من مصر فيها حرير، قال في جمع الجوامع: قال شيخ الإسلام: وقد اتفقوا كلهم على أنها ثياب فيها حرير، وليست بحرير مصمت. اهـ.*

وأخرج البخاري وأبو داود والنسائي عن عمر رضي الله عنه "أنه رأى حلة


١ مسلم: اللباس والزينة ٢٠٧٨ , والترمذي: الصلاة ٢٦٤ واللباس ١٧٢٥ ,١٧٣٧ والأدب ٢٨٠٨ , والنسائي: التطبيق ١٠٤٠ , وأبو داود: اللباس ٤٠٤٤ والخاتم ٤٢٢٥ , وأحمد ١/ ٨٠ ,١/ ٨١ ,١/ ٩٢ ,١/ ٩٣ ,١/ ١٠٤ ,١/ ١١٤ ,١/ ١١٩ ,١/ ١٢١ ,١/ ١٢٦ ,١/ ١٢٧ ,١/ ١٣٣ ,١/ ١٣٤ ,١/ ١٣٨ ,١/ ١٤٦ , ومالك: النداء للصلاة ١٧٧.
٢ البخاري: اللباس ٥٨٣٨ , ومسلم: اللباس والزينة ٢٠٦٦ , والنسائي: الزينة ٥٣٠٩ , وأحمد ٤/ ٢٨٤ ,٤/ ٢٩٩.
٣ البخاري: اللباس ٥٨٤٩ , ومسلم: اللباس والزينة ٢٠٦٦ , والترمذي: الأدب ٢٨٠٩ , والنسائي: الجنائز ١٩٣٩ والزينة ٥٣٠٩ , وأحمد ٤/ ٢٨٤ ,٤/ ٢٨٧ ,٤/ ٢٩٩.
* في كتاب "شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة" ص ٣٠١، وهو في "الاختيارات الفقهية" ص ٤٣٦. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

<<  <  ج: ص:  >  >>