للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد منَّ الله عليكم -رحمكم الله- في هذا الزمن الذي غلبت فيه الجهالات، وفشت بين أهله الضلالات، والتحق بعصر الفترات، من يجدد لكم أمر هذا الدين، ويدعو إلى ما جاء به الرسول الأمين من الهدى الواضح المستبين، وهو شيخ الإسلام والمسلمين، ومجدد ما اندرس من معالم الملة والدين، الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-.

فبصر العدد العديد من العماية، وهدى بما دعا إليه من الضلالة، وأغنى بما فتح عليكم وعليه من العالة، وحصل من العلم ما يستبعد على أمثالكم في العادة، حتى ظهرت الحجة البيضاء، التي كان عليها صدر هذه الأمة وأئمتها في باب توحيد الله بإثبات صفات كماله، ونعوت جلاله، والإيمان بقدره وحكمه في أفعاله.

فإنه قرر ذلك، وتصدى -رحمه الله- للرد على من نكب عن هذا السبيل، واتبع سبل التحريف والتعطيل، على اختلاف نحلهم وبدعهم، وتشعب مقالاتهم وطرقهم، متبعا -رحمه الله- ما مضى عليه السلف الصالح من أهل العلم والإيمان، وما درج عليه القرون المفضلة بنص الحديث.

ولم يلتفت -رحمه الله- إلى ما عدا ذلك من قياس فلسفي، أو تعطيل جهمي، أو إلحاد حلولي أو اتحادي، أو تأويل معتزلي أو أشعري، فوضح معتقد السلف الصالح، بعد ما سفت عليه السوافي، وذرت عليه الذواري، وندر من يعرفه من أهل القرى والبوادي، إلا ما كان مع العامة من أصل الفطرة، فإنه قد يبقى ولو في زمن الغربة والفترة.

وتصدى أيضا للدعوة إلى ما يقتضيه هذا التوحيد وما يستلزمه، وهو وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، وخلع ما سواه من الأنداد والآلهة، والبراءة من عبادة كل ما عبد من دون الله.

وقد عمت في زمنه البلوى بعبادة الأولياء والصالحين وغيرهم، وأطبق على ترك الإسلام جمهور أهل البسيطة، وفي كل مصر من الأمصار، وبلد من البلدان، وجهة من الجهات، من الآلهة والأنداد لرب العالمين ما لا يحصيه إلا الله، على اختلاف معبوداتهم، وتباين اعتقاداتهم.

فمنهم من يعبد الكواكب ويخاطبها

<<  <  ج: ص:  >  >>