للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه قال: "من حلف بغير الله فقد أشرك"١ ومن ذلك قول الرجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وأنا بالله وبك، ومالي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا أنت لم يكن كذا وكذا.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له رجل: ما شاء الله وشئت فقال: "أجعلتني لله ندا؟ قل: ما شاء الله وحده"٢ وهذه اللفظة أحق من غيرها من الألفاظ، وقد يكون هذا شركا أكبر بحسب حال قائله ومقصده. وهذا الذي ذكرنا متفق عليه عند العلماء أنه من الشرك الأصغر، كما أن الذي قبله متفق عليه أنه من الشرك الأكبر.

[وجوب التوبة من كبير الشرك وصغيره]

واعلم أن التوبة مقبولة منهما، ومن سائر الذنوب قطعا، إذا صحت التوبة واستكملت شروطها، لكن ابن عباس رضي الله عنه ومن تبعه قال: لا تقبل توبة القاتل. وقد ناظر ابن عباس -رضي الله عنهما- أصحابه، وخالفه جمهور العلماء في ذلك، وقالوا: التوبة تأتي على كل ذنب. فكل ذنب يمكن التوبة منه وتقبل. واحتجوا بقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ٣ وبقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} ٤ فإذا تاب هذا القاتل وآمن وعمل صالحا، فإن الله عزوجل غفار له.

فصل

[في مراتب الدين]

وأما قول السائل: هل للتوحيد والإيمان مرتبتان وحقيقتان ومجازان، يقابل كل واحد واحدة من مراتب الشرك والكفران، ويتعلق بأحدهما دون الآخر النقص والبطلان، ويخرج بفعل بعض قواعد الشرك، أو ترك بعض قواعد التوحيد عن دائرة الإسلام لا دائرة الإيمان، أو بالعكس؟

فاعلم -رحمك الله تعالى- أن العلماء ذكروا أن الدين على ثلاث مراتب:


١ الترمذي: النذور والأيمان "١٥٣٥" , وأبو داود: الأيمان والنذور "٣٢٥١" , وأحمد "٢/ ٣٤ ,٢/ ٦٩ ,٢/ ٨٦ ,٢/ ١٢٥".
٢ أحمد "١/ ٢٨٣".
٣ سورة الزمر آية: ٥٣.
٤ سورة طه آية: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>