للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"والطيرة شرك وما منا إلا .... ولكن الله يُذْهِبه بالتوكل"١ رواه أبو داود ورواه الترمذي وصححه وجعل آخرَه من قول ابن مسعود.

وفي مراسيل أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس عبد إلا سيدخل قلبه طيرة، فإذا أحس بذلك، فليقل: أنا عبد الله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، لا يأتي بالحسنات إلا الله، ولا يذهب بالسيئات إلا الله، أشهد أن الله على كل شيء قدير. ثم يمضي لوجهه".

وفي مسند الإمام أحمد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أرجعته الطِّيَرَة عن حاجته: فقد أشرك، وكفارة ذلك أن يقول أحدهم: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك"٢.

وفي صحيح ابن حبان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طيرة، والطيرة على من تَطَيَّرَ".

ومعنى هذا أن مَن تَطَيَّرَ تطيُّرًا مَنْهِيًّا عنه بأن يعتمد على ما يسمعه، أو يراه من الأمور التي يتطير بها حتى يمنعه عما يريد من حاجته: فإنه قد يصيبه ما يكرهه، وأما من توكل على الله، ولم ينظر إلى الأسباب المخوفة، وقال ما أُمِرَ به من هذه الكلمات ومضى فإنه لا يضره ذلك، فإذا كان هذا حال الطيرة، فأين الجامع بينها وبين الشرك الأكبر في الاعتقاد؟

فإن أراد السائل أن المُتَطَيِّرَ إذا زَجَرَ الطير أو تَطَيَّرَ بما يراه من علم النجوم وغيره، أو بما يسمعه من الكلام يعتقد أن ذلك من علم الغيب، وأن الطير تخبره عما هو صائر إليه في المستقبل، أو أن الأفلاك تُدَبِّر أمرَ الخلائق؛ فليس هذا من الشرك الأصغر، بل هذا من الشرك الأكبر نظير شرك عُبَّاد الكواكب.

فصل

[في الدعاء والنداء لغير الله]

وأما قول القائل: "الثالث أنه قد ورد في حديث الضرير قوله يا محمد، وفي الجامع الكبير، وعزاه للطبراني فيمن انفلتت عليه دابته قال: "يا عباد الله احبسوا" وهذا دعاء ونداء لغير الله".


١ الترمذي: السير "١٦١٤" , وأبو داود: الطب "٣٩١٠" , وابن ماجه: الطب "٣٥٣٨" , وأحمد "١/ ٣٨٩ ,١/ ٤٣٨ ,١/ ٤٤٠ ٢ أحمد "٢/ ٢٢٠"

<<  <  ج: ص:  >  >>