للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان، فالزمان كقوله صلى الله عليه وسلم "يوم عرفة ويوم النحر وأيام مِنى عيدنا أهل الإسلام"١ رواه أبو داود وغيره.

وأما المكان فكما روى أبو داود في سننه أن رجلا قال: "يا رسول الله: إني نذرت أن أنحر إبلا بِبُوَانَةَ ٢. فقال: أَبِها وثن من أوثان المشركين، أو عيد من أعيادهم؟ قال: لا. قال: فأوف بنذرك" وكقوله: "لا تجعلوا قبري عيدا" فالعيد مأخوذ من المعاودة والاعتياد، فإذا كان اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه، وإتيانه للعبادة أو لغيرها، كما أن المسجد الحرام ومِنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر جعلها الله عيدا للحنفاء، كما جعل أيام التعبد فيها عيدا.

فإتيان القبور في يوم معلوم، من شهر معلوم، والاجتماع لذلك بدعة لم يشرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها الصحابة ولا التابعون لهم بإحسان، سواء ذلك في البلد أو خارجا عنه.

وأما قوله: "يُؤْتَى إليه من النواحي" فنقول: وهذا -أيضا- بدعة مذمومة لم يفعلها الصحابة ولا التابعون لهم بإحسان.

[زيارة القبور الشرعية والبدعية]

وبيان ذلك أن زيارة القبور نوعان: زيارة شرعية، وزيارة بدعية شركية، فالزيارة الشرعية مقصودها ثلاثة أشياء: "أحدها": تذكير الآخرة والاتعاظ والاعتبار. "والثاني": الإحسان إلى الميت في أن لا يطول عهده به؛ فيهجره ويتناساه، فإذا زاره وأهدى إليه هدية من دعاء أو صدقة سُرَّ الميت بذلك، كما يسرُّ الحي من يزوره ويهدي له؛ ولهذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم للزائر أن يدعو لأهل القبور بالمغفرة والرحمة، ولا يشرع أن يدعوهم ولا يدعو بهم ولا يصلي عندهم. "الثالث": إحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنة والوقوف عند ما شرعه الرسول -صلى الله عليه وسلم -؛ فيحسن إلى نفسه، وإلى المزور.


١ الترمذي: الصوم "٧٧٣" , والنسائي: مناسك الحج "٣٠٠٤" , وأبو داود: الصوم "٢٤١٩" , وأحمد "٤/ ١٥٢" , والدارمي: الصوم "١٧٦٤".
٢ هضبة من وراء ينبع.

<<  <  ج: ص:  >  >>