للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال الأنبياء: ورأى واحدا هو أشدهم نورا فقال: من هو؟ فقال: داود، قال: كم عمره؟ فقال: ستون سنة، فقال: هو قليل، وهبت له من عمري أربعين سنة، وكان عمر آدم ألف سنة، فلما تم عمر آدم تسعمائة وستين سنة أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فقال: بقي من أجلي أربعون سنة، فقال: ألست وهبته من ابنك داود؟ فقال: ما كنت لأهب لأحد من أجلي شيئا، فعند ذلك كتب لكل نفس أجلها.

[تفسير وإذ أخذ ربك من بني آدم بالأحاديث الواردة]

وقال مقاتل: إن الله مسح صفحة ظهر آدم اليمنى، فخرج منه ذرية بيض كهيئة الذر، ثم جانبه الأيسر، فخرج منه ذرية سود كهيئة الذر، فقال: يا آدم هؤلاء ذريتك، ثم قال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} ١ فقال للبيض: هؤلاء في الجنة برحمتي، وهم أصحاب اليمين، وقال للسود: هؤلاء للنار، ولا أبالي، وهم أصحاب الشمال، ثم قرأ {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} ٢ ثم أعادهم جميعا في صلب آدم. فأهل القبور محبوسون حتى يخرج أهل الميثاق كلهم من أصلاب الرجال وأرحام النساء.

وقال تعالى فيمن نقض العهد الأول: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ} ٣.

وهذا القول قد ذهب إليه كثير من قدماء المفسرين كسعيد بن المسيب، وسعيد ابن جبير، والضحاك، وعكرمة، والكلبي، وذكر محمد بن نصر من تفسير السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود، وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} الآية: لما أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يهبط من السماء مسح صفحة ظهره اليمنى، وأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر، فقال لهم: ادخلوا الجنة برحمتي، ومسح صفحة ظهره اليسرى، فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر، فقال لهم: ادخلوا النار، ولا أبالي. فذلك حيث يقول: وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال، ثم أخذ منهم الميثاق فقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} فأعطاه طائفة طائعين، وطائفة كارهين على جهة


١ سورة الأعراف آية: ١٧٢.
٢ سورة الواقعة آية:٨، ٩.
٣ سورة الأعراف آية: ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>