للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله، وعقوق الوالدين"١، وفي الحديث الآخر "لا يدخل الجنة قاطع رحم"٢.

(ومنها): ما يجري من بعض الأمراء والعامة من الغلول: منهم من يتحيل على الغلول بالشراء ولا ينقد الثمن، وذلك حرام، قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران من الآية: ١٦١]. وفي الحديث: "إن الغلول عار، ونار، وشنار"٣.

(ومنها): ظلم بعض الأمراء يأخذ من أموال الناس بصورة الجهاد، ولا يصرفه في الجهاد؛ بل يأكله. وبعض الأمراء يأخذ جميع الزكاة، ولا يعطي المساكين منها، والإمام يأمره بإعطاء كل ذي حق حقه؛ ويعصي ويعمل على رأيه.

والزكاة تَوَلَّى الله قسمتها في كتابه، وجَزَّأَهَا ثمانية أجزاء، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب. ومن الأمراء والنظراء من يصرف الجهاد عن الأغنياء، ويجعله على الفقراء الذين لم يجعل الله عليهم شيئا.

والجهاد بالمال مقدم على الجهاد بالنفس، فمن كان له مال، وهو يقدر على الجهاد بنفسه، وجب عليه الجميع؛ فإن كان ما يقدر بنفسه، وجب عليه بالمال؛ فإن كان ما يقدر بالمال ولا بالنفس، فالحرج مرفوع عنه، قال الله -تعالى-: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التّوبة: ٩١]. والإمام ينهى الأمراء عن تحميل الناس ما لا يستطيعون، ويعصونه في ذلك، وتحميل الفقير ما لم يحمله الله ذنب، ومعصية الإمام إذا نهى عن ذلك ذنب آخر.

(ومنها): اختلاط الجيد بالرديء، وراعي الدين بالمنافق، ولا يميز هذا من هذا؛ ووقع بسببه ظهور الكلام الباطل الذي لو يظهر من أحد في أول الإسلام أُدّبَ أدبا بليغا، وعرف أن قائله منافق؛ وفي وقتنا هذا يظهر ولا ينكر إلا ما شاء الله.

(ومنها): الظلم، والوقوع فيما حرم الله من الدماء، والأموال،


١ البخاري: الاستئذان (٦٢٧٣) , ومسلم: الإيمان (٨٧) , والترمذي: البر والصلة (١٩٠١) والشهادات (٢٣٠١) وتفسير القرآن (٣٠١٩) , وأحمد (٥/ ٣٦ ,٥/ ٣٨).
٢ البخاري: الأدب (٥٩٨٤) , ومسلم: البر والصلة والآداب (٢٥٥٦) , والترمذي: البر والصلة (١٩٠٩) , وأبو داود: الزكاة (١٦٩٦) , وأحمد (٤/ ٨٠ ,٤/ ٨٣ ,٤/ ٨٤).
٣ مالك: الجهاد (٩٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>