للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله -عزّ وجلّ- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}، [التّحريم، من الآية: ١]، ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}، [التّحريم، من الآية: ٢]. وأكثر الفقهاء على أنّ التّحريم إذا لم ينويه الظّهار ليس بظهار، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشّافعي، ووجه ذلك الآية المذكورة. وأنّ التّحريم يتنوّع فقد يكون بالظّهار وبالطّلاق وبالحرام وبالصّيام وبالحيض، ولا يكون صريحًا في واحدٍ منها، ولا ينصرف إليه بغير نيّةٍ كما لا ينصرف إلى تحريم الطّلاق، ووجه الأوّل: أنّه تحريم أوقعه بامرأته فكان بإطلاقه ظهارًا كتشبيهها بظهر أمّه. وقولهم: إنّ التّحريم يتنوّع قلنا: إنّ تلك الأنواع منتفية ولا يحصل منها إلّا الطّلاق. وهذا أولَى منه؛ لأنّ الطّلاق يُبَيِّن المرأة، وهذا يحرّمها مع بقاء الزّوجية، فكان أدنى التّحريم يمين فكان أولى.

فأمّا إن قال ذلك لمحرمة عليه بحيض أو نحوه وقصد الظّهار فهو ظهار، وإن قصد أنّها محرمة بذلك السّبب فلا شيء فيه، وإن أطلق فليس بظهارٍ؛ لأنّه يحتمل الخبر عن حالها، ويحتمل إنشاء التّحريم فيها بالظّهار فلا يتعيّن على أحدهما تعيين.

فصل

وإن قال: الحلّ عليّ حرام، أو ما أحلّ الله عليّ حرام، أو ما أنقلب إليه حرام وله امرأة فهو مظاهر، نصّ عليه في الصّور الثّلاث.

قال أحمد -رحمه الله- فيمَن قال: ما أحلّ الله عليّ حرام من أهل ومال: عليه كفّارة الظّهار، هو يمين. ويجزئه كفّارة واحدة في ظاهر كلام أحمد، واختيار ابن عقيل أنّه يلزمه كفارتان للظّهار ولتحريم المال.

ولنا أنّها يمين واحدة، فلا توجب كفّارتين كما لو ظاهر من امرأتين أو حرم من ماله شيئين. وفي قول أحمد -رحمه الله- هو يمين إشارة إلى التّعليل بما ذكرنا. انتهى كلامه.

وأنتَ تفهم أنّ الشّرح غالبه مسلوب من المغني وعبارتهما متقاربة

<<  <  ج: ص:  >  >>