للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحصل من العشرين خمسة بزنة المثقال، وهذا القدر لا يزيد على ما في الرّيال منها ولا ينقص بحال، فأفتيت بعد ذلك التّحرير والاختبار، بأنّ هذه المصارفة لا تحلّ إذا زادت الجدد عن ذلك المقدار.

ولما كانت أكثر النّفوس لا تقبل الحقّ إلّا إذا كان في قالب هواها، وتميل بالطّبع إلى أن تؤتى شهوتها ومناها، شرعت في إيضاح هذا الحكم المذكور، وإن كان عند أهل العلم في غاية الظّهور: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}، [النّور، من الآية: ٤٠]. فهذه براهين الكتاب والسّنة تملَى عليك، وبنات أفكار أهل التّحقيق تجلى وتزف إليك، والله أرجو أن يجعلنا مِمَن يقبل الحقّ إذا ورد عليه، وينقاد للهدى إذا دعي إليه.

اعلم -وفّقنا الله وإيّاك- أنّ الله تعالى نهى عباده عن أكل الرّبا وأنزل بتحريمه القرآن المجيد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنْزيل من حكيمٍ حميدٍ، وزجر عنه عباده بضروبٍ من التّحذير والتّهديد، والوعيد الشّديد. فقال -عزّ من قائلٍ-: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}، [البقرة، الآيتان: ٢٧٥ - ٢٧٦].

قال ابن عبّاس في معنى الآية آكل الرّبا يبعث يوم القيامة مجنونًا يخفق. رواه ابن أبي حاتم.

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، [البقرة، من الآيتين ٢٧٨ - ٢٧٩]- إلى قوله -: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}، [البقرة: ٢٨١]. قال البخاري -رحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>