للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يصدق على القبض والاستيفاء إلّا حصوله كلّه مقبوضًا.

وأمّا إذا أخذ دراهم البدوي مثلًا وتمالأ هو وإيّاه على السّعر روح ١ وكيله أو هذا بنفسه وأمر الكداد أن يصرم لهما ويزن للبدوي بدراهمه وصار يكيل للبدوي كلّ زبيل يعلقه مرتين فهذه حيلة رديئة؛ لأنّه قد باع الكلّ قبل قبضه الذي دلّت عليه الأحاديث فيكون قد باع ما لم يبقض ولم يدخل في ضمانه. وإنّما هو مال صاحب النّخل باعه له غريمه، فإذا قبضه والحالة هذه صار الكلّ مالًا للمدين فيقع الغريم في خطرٍ عظيمٍ. وتصرّفه في هذه الدّراهم تصرف في مال الغير، فإن أنفق على نفسه وأهله منه صار ينفق عليهم من مال غيره، فإن بقيت هذه الدّراهم وعامل بها مرّة ثانية صار يعامل في مال غيره للغير ربحه ورأس ماله وربّما أنّه يأخذ معه ثلاثين سنة أو أكثر وهو يعامله بماله وتصير تجارة لغيره وليس له إلّا الدّين الأوّل في ذمّة الغريم، ويكون جزءًا بالنّسبة إلى ما أخذ من المال ثمن المال أو غيره، ولا دخل في ضمانه وإنّما ضمانه على صاحب الثّمر لو أتلفه أو تلف. فهذا مما يترتّب على مخالفة المشروع مع تحمل الآثام المخالفة.

فإن قال قائل: هذا أخذ الدّراهم في ذمّته.

قلنا: هذا سلم. ولا يجوز بالاتّفاق والواقع يمنع صحّة هذه الدّعوى؛ لأنّه ما قام بنفسه إلّا أنّه يكيل له من نخل هذا المدين بخصوصه، فهذه من الحيل التي لا حقيقة لها، ولا للإنسان مخرج إلّا في العمل بما شرعه الله ورسوله وترك الحيل رأسًا فهو الذي إن باع باعَ حلالًا، وإن أكل أكلَ حلالًا، وإن عامل فبالحلال. هذا وأنتم سالمين ٢ والسّلام.


١ كذا في الأصل.
٢ كذا، ومقتضى الإعراب أن يقال: سالمون، ولعلّ أصله: ودمتم سالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>