للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة فقد ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء، وقد أخبر الله -سبحانه- أنه لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر"١ فإذا كان نعيم الجنة وهو خلق من خلق الله تعالى كذلك، فما الظن بالخالق -سبحانه وتعالى- وهذه الروح التي في بني آدم قد علم العاقل اضطراب الناس فيها، وإمساك النصوص عن بيان كيفيتها، أفلا يعتبر العاقل بها عن الكلام في كيفيته تعالى مع أنا نقطع أن الروح في البدن، وأنها تخرج منه، وتعرج إلى السماء، وأنها تسلُّ منه وقت النَزع كما نطقت بذلك النصوص الصحيحة.

وأما القسمان اللذان ينفيان ظاهرها: أعني الذين يقولون ليس لها في الباطن مدلول هو صفة الله -تعالى-، وأن الله -تعالى- لا صفة له ثبوتية، بل صفاته إما سلبية، وإما إضافية، وإما مركبة منهما؛ ويثبتون بعض الصفات، وهي السبع والثمان، والخمس عشرة على ما قد عرف من مذاهب المتكلمين من الأشعرية وغيرهم، فهؤلاء قسمان:

(قسم) يتأولونها ويعينون المراد مثل قولهم: استوى بمعنى استولى، أو بمعنى علو المكان والقدر، أو بمعنى ظهور نوره للعرش، أو بمعنى انتهاء الخلق إليه، إلى غير ذلك من معاني المتكلمين.

(وقسم) يقولون: الله أعلم بما أراد بها، لكنا نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجة عما علمناه.

وأما القسمان الواقفان:

(فقسم) يقولون يجوز أن يكون المراد بظاهرها اللائق بالله، ويجوز أن لا يكون المراد صفة لله، ونحو ذلك؛ وهذه طريقة


١ البخاري: بدء الخلق (٣٢٤٤) , ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٢٤) , والترمذي: تفسير القرآن (٣١٩٧) , وابن ماجه: الزهد (٤٣٢٨) , وأحمد (٢/ ٣١٣ ,٢/ ٤٣٨ ,٢/ ٤٦٦ ,٢/ ٤٩٥) , والدارمي: الرقاق (٢٨٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>