للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التنزه عن البول والنميمة، وليس المراد أن ذلك ليس بكبير في أمر الدين؛ بل هو محمول على أنه سأل الشفاعة لهما؛ فأجيب شفاعته بأن يخفف عنهما إلى أن ييبسا، وليس لليابس تسبيح وقوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} ١ أيُّ شيءٍ حي؛ وحياة كل شيء بحسبه ما لم ييبس، والحجر ما لم يقطع.

والجمهور أن هذا التسبيح على عمومه: إما حقيقة، وهو قول المحققين إذ العقل لا يحيله، أو أنه بلسان الحال باعتبار دلالته على الصانع.

وأما المعذبان فإنهما مسلمان؛ إذ الكافر لا يسأل له النبي -صلى الله عليه وسلم- الشفاعة. وتقدم عن العلماء أنه محمول عندهم على أنه سأل الشفاعة لهما فأجيب. وقوله: وهل لكل أحد أن يفعل ذلك؟ فيقال: نعم يسن فعل ذلك لكل أحد اتباعا له -صلى الله عليه وسلم- فإن الأصل في أفعاله -صلى الله عليه وسلم- التأسي إلا ما دل دليل على الخصوصية، ولا دليل هنا، والله أعلم.

[ابن صياد هو الدجال أو غيره؟]

(مسألة): ابن صياد هل هو الدجال أو غيره؟

(الجواب): اختلف في ذلك الصحابة -رضوان الله عليهم- فكثير منهم قالوا: إنه هو، وكان بعضهم يحلف على ذلك كجابر بن عبد الله وعمر بن الخطاب وابنه عبد الله. وقال الآخرون: إنه غيره، وهو الأشهر، وعليه يدل صريحا ما في حديث مسلم الطويل، حديث الجساسة المنعوت فيه الدجال بأوصاف لا تنطبق على ابن صياد، منها: أنه مسلسل في جزيرة من جزائر البحرين؛ وابن صياد إذ ذاك بالمدينة، على أنه ورد أنه أسلم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تزوج وولد له. وأما ما ورد أيضا أنه فُقِدَ ولم يُدْرَ أين ذهب، فهذا لا يدل على أنه الدجال كما هو ظاهر، والله أعلم. آخر مسائل ابن حجر، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


١ سورة الإسراء آية: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>