للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخرجه من طريقه القاسم بن عساكر في كتابه "المستقصى"، وقد حسنه البزار كما تقدم، فالحديث جيد، وهو في "مسند" الإمام أحمد بن حنبل من هذا الوجه أيضًا (١)، وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (٢) بلفظ آخر من حديث أنس بن مالك بإسناد ضعيف، وكذلك أيضًا روي من طرق أخر ضعيفة، وفي هذا الإسناد كفاية وباللَّه التوفيق.

قال القرطبي: اختلفوا في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلَاةً فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيْمَا سِوَاهُ" هل المراد بالصلاة هنا الفرض أو هو عام في الفرض والنفل؟

وإلى الأول ذهب الطحاوي، وإلى الثاني ذهب مطرف من أصحابنا.

وقال الشيخ محيي الدين رحمه اللَّه في "شرح مسلم" اعلم أن مذهبنا لا يختص هذا التفضيل بالصلاة في هذين المسجدين بالفريضة، بل يعم الفرض والنقل جميعًا، وبه قال مطرف من أصحاب مالك، وقال الطحاوي: يختص بالفرض وهذا مخالف لإطلاق هذه الأحاديث الصحيحة، واللَّه أعلم (٣).

وقال أيضًا في كتابه هذا في باب استحباب صلاة النافلة في بيته: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَيْرُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ" (٤) هذا عام في جميع النوافل المترتبة مع الفرائض والمطلقة إلا في النوافل التي هي من شعائر الإسلام وهي العيد والكسوف والاستسقاء، وكذا التراويح على الأصح فإنها مشروعة في جماعة المسجد، والاستسقاء في الصحراء وكذا العيد إذا ضاق المسجد واللَّه أعلم (٥).

وقال أيضًا في صدر هذا الباب: وكذا ما لا يتأتى في غير المسجد كتحية المسجد ويندب كونه في المسجد وهو ركعتا الطواف (٦).

فظاهر هذا أنه لا فرق بين المساجد الثلاثة وبين غيرها في ترجيح فعل النوافل في


(١) لم أجده فيه، ولم يعزه الهيثمي له، واللَّه أعلم.
(٢) "سنن ابن ماجه" (١٤١٣).
(٣) "شرح مسلم" (٩/ ١٦٤ حديث ١٣٩٤).
(٤) سيأتي تخريجه من حديث زيد بن ثابت.
(٥) "شرح مسلم" (٦/ ٧٠ حديث ٧٨١).
(٦) "شرح مسلم" (٦/ ٦٧).

<<  <   >  >>