للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول: كان سعد بن سعيد مؤدي يعني أنه كان لا يحفظ ويؤدي ما سمع (١).

وقال أحمد بن عدي بعد أن ذكره في كتاب "الكامل في الضعفاء": له أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة ولا أرى بحديثه بأسًا لمقدار ما يرويه (٢).

ثم نقول: والصحيح أن التعديل يقبل من العدل من غير ذكر سببه وأن الجرح لا يقبل منه حتى يتبين السبب؛ وذلك لأن الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح، فربما أطلق أحدهم الجرح على ما في ظنه أنه جارح وليس هو بجرح في نفس الأمر، وقد عقد الحافظ أبو بكر الخطيب رحمه اللَّه بابًا في بعض أخبار من استسفر في جرحه فذكر ما لا يصلح جارحًا لتأكيد هذا القول، وليس كذلك التعديل فإن أسبابه كثيرة فيصعب على العدل أن يذكر جميع الأفعال الموجبة العدالة فاكتفي بالإطلاق فيه.

قال الحافظ أبو بكر الخطيب: وهذا القول هو الصواب عندنا، وإليه ذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده مثل محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج وغيرهما، فإن البخاري قد احتج بجماعة سبق من غيره الطعن فيهم والجرح لهم كعكرمة مولى ابن عباس في التابعين وكإسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزوق، وهكذا فعل مسلم رحمه اللَّه فإنه احتج بسويد بن سعيد وجماعة غيره واشتهر عمن ينظر في حال الرواة الطعن عليهم، وسلك أبو داود السجستاني هذه الطريقة وغير واحد ممن بعده، فدل ذلك على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه وذكر موجبه (٣).

قلت: وكذلك سلك بعدهم أكثر الأئمة الحفاظ كأبي حاتم بن حبان وأبي الحسن الدارقطني وأبي عبد اللَّه بن البيع الحاكم، وغيرهم ممن صنف الصحيح وتكلم في الجرح والتعديل، قال أبو حاتم بن حبان في حفظه كتابه الصحيح: وربما


(١) "الجرح والتعديل" (٤/ ٨٤).
(٢) "الكامل" (٣/ ٣٥٢).
(٣) "الكفاية في علم الرواية" (١/ ١٠٨ - ١٠٩).

<<  <   >  >>