للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلتُ: لم يسمعه ابن الزُّبير مِن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، إِنما سمع من عُمر، قاله أَبو ذِبيَان، وأُم عَمرو، عنه. "التتبع" (١٥٤).

فقلنا: وَهَبْهُ لم يسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإِنه صحابي، وقد أَرسل عن صحابي، فكان ماذا؟! وكثير من أَحاديث صغار الصحابة على هذا النحو، فضلًا عن أن البخاري ساق حديث ابن الزبير، عن عُمر، بعده (١).

ومنه: تتبعه حديثًا أخرجه البُخاري فقال: أَخرَج البُخاريُّ حَديثَ العَوَّام بن حَوشب، عَن إِبراهيم السَّكسَكي، عَن أَبي بُردَة، عَن أَبي مُوسى، عَن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِذا مَرض العَبد، أَو سافر، كَتَب الله له مثل ما كان يعمل، صَحيحًا مُقيمًا" (٢).

قال: لم يُسْنِده غير العوام.

وخَالَفَهُ مسعر، رواه عَن إِبراهيم السَّكسَكي، عَن أَبي بُردَة قَوْلَه، ولم يذكر أَبا مُوسَى، ولا النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، والله أَعلَم. "التتبع" (٣٩) (٣).

ثم نقلنا قول ابن حَجَر: مِسعر أَحفظ من العوام بلا شك، إلا أن مثل هذا لا يُقال من قِبل الرأي، فهو في حكم المرفوع، وفي السياق قصة تدل على أن العوام حفظه، فإن فيه: اصطحب يزيد بن أبي كبشة، وأَبو بردة، في سفر فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة: أَفطر، فإني سمعت أبا موسى مرارًا يقول، فذكره. وقد قال أحمد بن حنبل: إذا كان في الحديث قصة، دل على أن راويَه حَفِظه، والله أعلم. "هدي الساري" ١/ ٣٦٣.

وقلنا: بل الصواب مع العوام في رفعه، فقد رواه مسعر مرفوعًا، كما عند ابن حبان (٢٩٢٩)، وموقوفًا كما ذكر الدارقطني، فيكون المرفوع أَصح (٤).

وربما أشرنا في بعض الأحيان إلى ما يقعُ عند أحدِ عُلماء العِلَل من تناقض في الأقوال لعل مردّه إلى تَغَيّر الآراء في الحُكْم على حديث ما. فقد قالَ الدَّارَقُطْني في


(١) المسند المصنف المعلل، حديث (١٠١٢٢).
(٢) البخاري ٤/ ٧٠ (٢٩٩٦).
(٣) وكنا قبل ذلك قد نقلنا في الفوائد ما ذكره عن هذا الحديث في كتابه "العلل" (١٢٩٠).
(٤) المسند المصنف المعلل، حديث (١٣٥٩٦).