للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومن أمثلة ذلك حديث أبي صالح عن أبي هُريرة: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكفُ في كل رَمَضان عشَرة أيام، فلما كانَ العام الذي قُبضَ فيه اعتكفَ عشرينَ يومًا" (١)، وسُقنا فيه قول أبي حاتم الرَّازي الذي قالَ فيه: إنَّ الصحيحَ ما رواه الثَّوريُّ، عن أبي حَصِين، عن أبي صالح، قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يعتكف، مُرْسلًا (٢)؛ رَدَدْنا عليه بقول الدَّارَقُطني الذي دَرَسَ الحديثَ وتوصَّل في كتابه "العِلَل" (٣) إلى أنَّ الصَّحيح هو المتصل (٤).

هذه أمثلةٌ يسيرةٌ كانت غايتها التَّنبيه على أن ليسَ كل ما جاءَ في كُتُب العلل وأقوال الأئمة يتعين التَّسْليم به، فكلُّ إنسان يؤخذ من قوله ويُتْرك إلا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. ولم يكن من وُكْدنا تتبع كل ما نقلناه في "الفوائد" دراسته، فهذا أمر يطولُ إذ لو فعلنا ذلك لجاء هذا الكتاب في مئة مجلد أو تزيد، وحَسْبُنا أننا قدَّمنا مادةً أولية لإخواننا أهل العلم من الدَّارسين والباحثين لتكون في متناول أيديهم من غير تَعَب ولا نَصَب.

وقد عُنينا عناية خاصةً بالتنبيه على بعضِ ما وقعَ من زيادات الرُّواة أو النُّساخ في أسانيد أو مُتون وقعت في بعض الكُتُب المكوِّنة لهذا "المُسْنَد المُصَنَّف المُعَلَّل"، ولم تكن معرفة ذلك بالأمر الهَيِّن السَّهْل المُيَسَّر؛ ذلك أننا كُنّا، مع توفّر عدد من النُّسخ الخَطِّية والطبعات المتَنوّعة للكتاب الواحد، نعمدُ إلى استكمالِ الأدلّة القاطعة التي تثبت كون الإسناد أو المَتْن فيه زيادة من الرُّواة أو النُّساخ أو غيرهم، كما يظهر في الأمثلة الكثيرة التي عَلَّقنا عليها في حواشي هذا الكتاب، فمن ذلك مثلًا لا حَصْرًا: الكثير من الأحاديث التي نُسِبت إلى "جامع التِّرمذي" وهي ليست منه والتي حَوَّلها الدكتور بشار عواد معروف محقق الكتاب إلى حاشية النُّسخة وكان مُحقًا في أكثرها إلا في القليل النَّادر الذي تراجعَ عنه بعد مقابلة طبعته بنُسخة الكَرُوخي، وقد أشرنا إلى كثير منها في تَعْليقاتنا.

ومنه أيضًا: بعض ما زاده أبو أحمد الجُلُودي عن إبراهيم بن محمد بن سُفيان النَّيْسابوري راوي "الصحيح" عن مُسلم.


(١) البخاري ٣/ ٦٧ (٢٠٤٤) و ٦/ ٢٢٩ (٤٩٩٨).
(٢) علل الحديث (٦٧٣).
(٣) علل الدارقطني (١٩٨٦).
(٤) المسند المصنف المعلل، حديث (١٤٦٠٩).