للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معمّر الطرابلسي، ثم وقع الرضا عنه وأعيد للعلامة حتى توفي، وجلّ عند المستنصر حتى بلغ الغاية لأنه كان من ظرفاء الأدباء.

كان مولعا بجنة له في الجزيرة، وتزهد في آخر عمره، وحبس داره على الضعفاء من أقاربه.

ويبدو أنه كان مترفها في لباسه وعيشه، ذكر ابن الشماع في الأدلة البينة النورانية حكاية له مع أبي زكرياء الحفصي أراه ما هو عليه من التقشف في المأكل والملبس، وعدم الاستنكاف عن ممارسة صناعة يدوية بسيطة وهي الخياطة تواضعا وبعدا عن الكبرياء، قال ابن الشماع:

«استدعاه يوما السلطان أبو زكرياء الحفصي بمحضر وزرائه من باب الصرف بعد انفصال المجلس، والعادة أن من استدعاه من باب الصرف إنما يستدعيه للعقوبة.

قال: فلما استدعيت أدخل بي بابا بابا حتى انتهيت إلى قبة الخليفة، فوجدته جالسا على كرسي من خشب وبيده إبرة وهو يرقع ثوبا فسلمت عليه، أمرني بالجلوس، وإذا بالخادم أتاني بمائدة مغطاة وأتى بطست، ورفع عن المائدة فإذا فيها غذاء واحد، وخبز غير نقي، فأكل وأكلت، فلما فرغ قال: «انصرف بسلام» فخرجت، وما كدت أخرج حتى وقعت عندي حيرة فعرّفت بذلك ابن أبي الحسين فقال لي «ماذا صنعت؟ ».

- قلت: «لا شيء إلا أني لما دخلت عليه نظرني شزرا».

- فقال لي: «دخلت عليه بثيابك هذه».

- فقلت له: «نعم».

- فقال لي: «من ههنا أتى عليك تراه أخبرك أن كسوته الثياب المرقعة، وأكله الخشن من الطعام، فإن انتهيت من فعلك، ولبسك الثياب الرفيعة وإلا فلا تلومن إلا نفسك».

وبعد وفاته قدم للعلاّمة أبو عبد الله محمد بن الحسين، وللإنشاء محمد بن الرائس الربعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>