للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحد بعدهما، وربما خالفا أبا الحسن في مسائل من علم الكلام، والقوم - أعني الأشاعرة لا سيما المغاربة منهم يستصعبون هذا الصنيع ولا يرون مخالفة أبي الحسن في نقير ولا قطمير ... وربما ضعفا مالك في كثير من المسائل كما فعلا في مسألة المصالح المرسلة، وعند ذكر الترجيح بين المذاهب فهذان الأمران نفرا المازري عنهما، وينضم إلى ذلك أن الطرق شتى مختلفة، ما رأيت سالك طريق إلاّ ويستقبح الطريق التي لم يسلكها ولم يفتح عليه من قبلها، ويضع عند ذلك من غيره، ولا ينجو من ذلك إلاّ القليل من أهل المعرفة والتمكين. ولقد وجدت هذا واعتبرته حتى في مشايخ الطريقة، ولا يخفى أن طريقة الغزالي التصوف والتعمق في الحقائق ومحبة إشارات القوم، وطريقة المازري الجمود على العبارات الظاهرة والوقوف معها، والكل حسن ولله الحمد، إلاّ أن اختلاف الطريقتين يوجب تباين المزاجين، وبعد ما بين القلبين لا سيما وقد انضم إليه ما ذكرناه من المخالفة في المذهب، وتوهم المازري أنه يضع من مذهبه، وأنه خالف شيخ السنة أبا الحسن الأشعري حتى رأيته - أعني المازري - قال في شرح «البرهان» في مسألة خالف فيها إمام الحرمين أبا الحسن الأشعري وليست من القواعد المعتبرة ولا المسائل المهمة من خطأ شيخ السنة أبا الحسن الأشعري فهو المخطئ وأطال في هذا. وقال في الكلام على ماهية العقل في أوائل «البرهان» وقد حكى عن الأشعري أنه يقول العقل هو العلم. وأن الإمام - رضي الله عنه - قال مقالة الحارث المحاسبي أنه غريزة بعد أن كان في «الشامل» ينكرها وأنه إنما ضمها لكونه في آخر عمره قرع باب قوم آخرين، يشير إلى الفلاسفة، فليت شعري ما في هذه المقالة مما يدل على ذلك! وأعجب من هذا أنه - أعني المازري - في آخر كلامه بأن الإمام ينحو نحوهم وأخذ يجل من قدره، وله من هذا الجنس كثير، وهذه الأمور توجب التنافر بينهم، ويجمل المنصف أن لا يسمع كلام المازري فيهما إلاّ بعد حجة

<<  <  ج: ص:  >  >>