للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأذري بفتح الهمزة في أوله وفتح الذال المعجمة، نسبة إلى أذربيجان وهو إقليم واسع من مدنه المشهورة تبريز، وقيل في النسبة إليه أذري (بسكون الذال) لأنه عند النحويين مركب من أذر وبيجان، فالنسبة إلى الشطر الأول وقيل في النسبة إليه أذربي (فتح الهمزة والذال وسكون الراء) وكل قد جاء.

وقد تحرفت نسبته إلى «الأزدي» لدى الكتاب قديما وحديثا. ورد ذكره ثلاث مرات في كتاب «تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري» تأليف حافظ دمشق ومؤرخها أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (ت سنة ٥٧١/ ١١٧٦) المرة الأولى جاء نسبه محرفا إلى «الأزدي». «وقرأت فيما رواه الشيخ الزاهد أبو محمد عبد القادر بن محمد الصدفي القيرواني المعروف بابن الخياط قال: «أنا الشيخ الفقيه أبو بكر عبد الله بن محمد القرشي القيرواني قال: أنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن حاتم الأزدي (كذا) صاحب القاضي الجليل أبي بكر بن الباقلاني (١)».

وفي المرة الثانية جاء نسبه على الوجه الصحيح «الأذري» ونقل المؤلف ترجمته بالإسناد المتصل عن الفقيه أبي عبد الله محمد بن موسى بن عمار الميورقي (٢) «إلا أنه (أي الباقلاني) خلف من بعده من تلاميذه جماعة كثيرة تفرقوا في البلاد، أكثرهم بالعراق وخراسان، ونزل منهم إلى المغرب رجلان أحدهما أبو عبد الله الأذري - رضي الله عنه - وبه انتفع أهل القيروان، وترك بها من تلاميذه مبرزين مشاهير جماعة أدركت أكثرهم. وكان رجلا ذا علم وأدب، أخبرني بعض شيوخنا عنه - رحمه الله - أنه قال: لي خمسون عاما متغربا عن أهلي ووطني، ولم أكن فيها إلا على كور جمل أو بيت فندق أطلب العلم آخذا له أو مأخوذا عني.

وقال لي غيره من شيوخنا: ما قدر أحد من تلاميذه أن يعطيه على تعليمه شيئا من عرض الدنيا وكان يقول تعليم هذا العلم أوثق أعمالي عندي، وأخاف أن تدخله داخلة إن أخذت عليه أجرا، ولا أحتسب أجري إلا على الله. ولقد كان يتركنا في بيته ونحن جماعة، ثم يذهب إلى السوق فيشتري غداءه أو عشاءه، ثم ينصرف به في يده فكنا نقول له: «يا سيدنا الشيخ نحن شباب جماعة كلنا نرغب في قضاء حاجتك، نسألك بالله العظيم إلا ما تركتنا وقضاء حاجتك في المهم العظيم فكيف في هذا الأمر اليسير؟ ! نسألك بالله العظيم ألا تركتنا وقضاء حوائجك فإن هذا من العار العظيم علينا».

فكان يقول لنا: «بارك الله فيكم! ما يخفى عليّ أنكم تسارعون لهذا الأمر، ولكن قد علمتم عذري، وأخاف أن يكون هذا من بعض أجري على تعليمي».


(١) تبيين كذب المفتري (ط دمشق ١٣٤٧ هـ‍) ص ٤١ - ٤٢.
(٢) في الأصل المايرقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>