للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحلقة، وحكى لهم ما قال فقال احدهم: انه وقح، وقال آخر: ملاّسي بوقلة هذا الذي عملهونا (١).

وفي هذه الفترة كان الناقمون على الشيخ ابن عاشور يكتبون المقالات الغثة الباردة في جريدة «الزهرة»، ويرد عليهم أنصاره والمؤيدون له في جريدة «النهضة» ومنهم المترجم. والكاتبون في جريدة «الزهرة» لا يخلون من تمحل وضيق أفق، وذات مرة ضاق المترجم ذرعا بهذه المقالات فكتب بجريدة «النهضة» مقالا مثيرا صارخا عنوانه «جنازة عجوز الصحف التونسية فاللهم مشامة وسحقا» وكان للمقال دوي في أوساط المؤيدين والناقمين (٢).

ثم تخلى عن خطة قيم عام لنجاحه في مناظرة التدريس سنة ١٩٣٤ «بعد أن كبده الاستعمار الفرنسي من جانب والحزازات النفسية من جانب آخر ثلاث خيبات في المناظرات مع مقدرته العلمية والادبية ومهارته في صناعة التدريس التي كانت مثار الاعجاب في الأوساط الثقافية بتونس «وقفات ونبضات ص ٩٦» «ارتمى في خضم السياسة منذ نعومة أظفاره، وبذل وسعه في سبيلها بخطابته وشعره، والتحق بزعماء الحركة السياسية، فكان ينطق بالسنتهم مسخرا أدبه ووقته لاعلاء كلمتهم التي هي كلمة الدين والوطن .. ولقد لقي في اندفاعه السياسي ما لقي من سجن واضطهاد وابعاد عن حياته الثقافية» (باختصار من المرجع السالف ص ٩٧).

والمترجم طويل القامة قوى البنية، يضع نظارتين سميكتين على عينيه لشدة ضعف بصره، صوته أجش أصحل له رنة خاصة تعين على ابقاء الكلمات في الذاكرة. بقي عالقا بذاكرتي انه في يوم عيد العروبة الثاني (افريل ١٩٤٧) ألقى قصيدة طالعها:


(١) سمعت هذه الحكاية من الصديق الشيخ محمد عبيد (من القلعة الكبرى).
(٢) سمعتها من الشيخ رمضان الطرابلسي الليبي الأصل من جبل ككلة، وقد بلغني أنه بعد إحالته على التقاعد انتقل إلى ليبيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>