للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمبرة مدة. وذكر ابن أبي أصيبعة في «عيون الأنباء» أن أبا الصلت أتى من الأندلس إلى ديار مصر وأقام بالقاهرة مدة ثم عاد بعد ذلك إلى الأندلس، وكان دخوله إلى مصر في حدود سنة عشر وخمسمائة ولما كان بالاسكندرية حبس بها. فإن صحت هذه الرواية يكون قد رجع إلى وطنه بعد خروجه من مصر، ثم استقر مدة في المهدية في خدمة أبي الطاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس، ورحل إلى مصر مرة أخرى بعد وفاة ولي نعمته سنة تسع وخمسمائة وروى المقري في «نفح الطيب» ما نصه: «يقال إن عمره ستون سنة، عشرون في بلده إشبيلية وعشرون في مصر محبوسا في خزانة الكتب وكان وجهه صاحب المهدية إلى ملك مصر فسجن بها طول تلك المدة في خزانة الكتب فخرج في فنون العلم إماما» كلام المقري لا يثبت أمام التمحيص لانفراده بأشياء لم يذكرها غيره. والبعض منها لا يتفق مع كلام أبي الصلت نفسه.

يفهم من كلام المقري أنه بارح بلده إشبيلية في حدود العشرين من عمره أي أنه بارحها في حدود سنة ثمانين وأربعمائة بينما سبق لنا النقل عن ابن خلكان أنه قدم الاسكندرية مع أمه في سنة تسع وثمانين وأربعمائة وله من العمر تسع وعشرون سنة، وما ذكره المقري من أن صاحب المهدية وجهه رسولا إلى مصر فإن أبا الصلت نفسه أثبت صدر رسالته المصرية أنه رحل إلى مصر بمحض رغبته وكمال اختياره.

وتختلف الروايات في مكان سجنه فذكر ياقوت الحموي أن الأفضل حبسه بسجن المعونة بالقاهرة، وكان يحبس في هذا السجن أرباب الجرائم، أما الأمراء والأعيان فيسجنون بخزانة البنود على ما ذكره المقريزي في «الخطط» وقد لمح أبو الصلت في صدر رسالته المصرية إلى أنه عومل بما يعامل به ذوو الجرائم والذنوب، ولذلك نستبعد كلام المقري في كونه لبث في السجن عشرين سنة في خزانة الكتب بالقاهرة، وقد نص ابن أبي أصيبعة أنه سجن بالاسكندرية إذ قال: «نفاه الأفضل شاهنشاه من مصر سنة خمس وخمسمائة وتردد إلى الاسكندرية».

<<  <  ج: ص:  >  >>