للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولبث أبو الصلت بسجن المعونة مدة ثلاث سنوات وشهر واحد على ما ذكره ياقوت الحموي حسبما أخبر به الثقة عن أبي الصلت نفسه.

أما سبب سجن أبي الصلت فإن ياقوتا الحموي يعلله بحسد ودسائس كاتب الوزير الأفضل ضده بعد زوال حظوة تاج المعالي مختار ونكبته واعتقاله، وكان هذا الرجل هو السبب في ايصاله إلى الأفضل، وذكر ابن أبي أصيبعة سبب سجنه بالإسكندرية فقال: «وحدثني الشيخ سديد الدين المنطقي بالقاهرة سنة اثنتين وثلاثين وستمائة أن أبا الصلت أمية بن عبد العزيز كان سبب حبسه بالاسكندرية أن مركبا وصل إليها وهو موقر بالنحاس فغرق قريبا منها، ولم يكن لهم حيلة في تخليصه لطول المسافة في عمق البحر فذكر أبو الصلت في أمره وأجال النظر في هذا المعنى حتى تلخص له فيه رأي واجه به الأفضل أمير الجيوش ملك الاسكندرية وأجمله أنه قام أن تهيأت له جميع ما يحتاج إليه من الآلات أن يرفع المركب من عمق البحر ويجعله على وجه الماء مع ما فيه من الثقل فتعجب من قوله وخرج به وسأله أن يفعل ذلك، ثم أتاه على جميع ما يطلبه من الآلات وغرم عليه جملة من المال، ولما تهيأت وضعها في مركب عظيم على موازاة المركب الذي غرق، وأرسى إليه حبالا مروحة من الإبريسم، وأمر قوما لهم خبرة في البحر أن يغوصوا ويوثقوا ربط الحبال في المركب الغارق.

وكان قد صنع آلات بها أشكال هندسية لرفع الأثقال في المركب الذين هم فيه، وأمر الجماعة ما يفعلونه في تلك الآلات، ولم يزل شأنهم ذلك والحبال الابريسم ترفع إليهم أولا فأول وتنطوي على دواليب بين أيديهم حتى بان لهم المركب الذي قد غرق وارتفع إلى قرب من سطح الماء ثم بعد ذلك انقطعت الحبال الابريسم، وهبط المركب راجعا إلى قاع البحر.

ولقد تلطف أبو الصلت جدا فيما فعله في التخيل إلى رفع المركب على أن القدر لم يساعده وحنق عليه الملك لما غرمه من الآلات وكونها أموالا

<<  <  ج: ص:  >  >>