للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمنازلهم زيادة عن دروسهم في المؤسسات العامة. كان يدرس بالمدرسة الشماعية (١) الكائنة بسوق البلغاجية، ولما بنت الأميرة فاطمة بنت الأمير أبي زكرياء الحفصي مدرسة عنق الجمل (٢) طلبت من أخيها السلطان أبي يحيى أن يكون قاضي الجماعة صاحب الترجمة مدرسا بها فاسعفها فكان يقسم الأسبوع بين المدرستين، ثم أن الأميرة فاطمة عزلته عن مدرستها ونسبته للتفريط.

تولى المترجم قضاء الجماعة بعد وفاة الشيخ عمر بن قدّاح الهوّاري المتوفي سنة ٧٣٤/ ١٣٣٤، وأظهر من الصلابة في الحق، والشجاعة الأدبية في المواقف الحرجة الخطرة ما سارت به الأمثال، ودوّن في الصحف قال ابن عرفة: «حدثني من أثق به لما مات القاضي ابن قداح بتونس تكلم أهل مجلس السلطان أبي يحيى في ولاية قاض فذكر بعض أهل المجلس الشيخ ابن عبد السلام فقال بعض أهل المجلس الكبار» أنه شديد الأمر لا تطيقونه، فقال بعضهم «نستخبر أمره» فدسوا عليه رجلا من الموحدين كان جارا له يعرف بابن ابراهيم فقال له «هؤلاء امتنعوا من توليتك لأنك شديد في الحكم» فقال له: «أنا أعرف الفوائد وأمشيها» فحينئذ ولوه من عام ٧٣٤ إلى أن توفي عام ٧٤٩، قال الشيخ البرزلي بعد أن ذكر هذه الحكاية «لعله ذكر ذلك لأنه خاف أن يتولى من لا يصلح بوجه فكان كلامه مانعا منه» كان يسكن في زقاق الخلدونية اليوم المعروف يومئذ بدرب ابن عبد السلام.

وقد بلغ رتبة مجتهد الفتوى وكانت له قوة الترجيح بين الأقوال، واعتمد ترجيحه معاصره خليل بن اسحاق وغيره.

توفي في ٢٢ رجب، ومات ولده قبله بثلاثة أيام في الطاعون الجارف.


(١) راجع عن هذه المدرسة تاريخ معالم التوحيد ١٧٦ - ٨.
(٢) اسمها مشتق من الزقاق الواقعة فيه وهو نهج عنق الجمل سموه بذلك - فيما يلوح - لطوله وانحرافه ومنه يفهم أن عنق الجمل كان معروفا بهذا الاسم في أول المائة الثامنة وما قبلها (تاريخ معالم التوحيد ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>