للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوى عنه ابوا جعفر: الجَيّارُ وابنُ يحيى، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله وأبو عَفرو بنُ سالم، وأبَوا محمد ابنَي المحمدَيْن: ابن الكَوّاب وابن المَلِيح. وحدَّث عنه بالإجازة أبو محمدٍ عبدُ الرّحيم ابنُ الشّيخ.

وكان فقيهًا عاقدًا للشّروط، بصيرًا بعِلَلِها، [٢١ و] نافذًا في العربيّة رَيّانَ من الأدب، مُجِيدًا في النَّظْم والنَّثر ناقدًا، وَرِعًا زاهدًا فاضلًا، منبسِطَ النَّفْس طَريفَ الدُّعابة، متينَ الدِّيانةِ، قليلَ الرِّواية نازلَها، وَليَ الصّلاةَ والخُطبةَ بجامع مالَقةَ بعدَ الخَطيب أبي عبد الله الإسْتِجي. وكان قبلُ قد اثَرَ سُكْنى باديتِه مُعظمَ عُمره راضيًا بخمولِه، عاكفًا على ما يَغنيهِ من شأنِ مَعاشِه ومَعادِه، إلى أن توفِّي الخَطيبُ أبو عبد الله الإستِجيّ، انتَقلَ إلى سُكْنَى مالَقةَ إلى أن توفِّي إمامًا في الفريضة بجامع مالَقةَ وخَطيبًا به فجْرَ يوم السّبت لأربعَ عشْرةَ ليلةً خلَتْ من شوّالِ ثمانٍ وتسعينَ وخمس مئة، ودُفن بعدَ صَلاةِ العصرِ من يومِه، ومَوْلدُه سنةَ إحدى وعشرينَ وخمس مئة.

وكانت بينَه وبينَ أبي القاسم السّهيْليّ وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ وأبي محمد ابن حَوْطِ الله وغيرهم من أُدباءِ عصره مخُاطَباتٌ ظهرَ فيها تبريزُه وحُسنُ تصرُّفِه، وسيأتي بعضُها في رَسْم أبي عبد الله بن غالب وفي رَسْم أبي الحَجّاج ابن الشَّيخ إن شاء الله (١).

وله خُطَبٌ بارِعة وأشعارٌ فائقة ورسائلُ بديعة، وبه خَتَمَ أصبَغُ بنُ أبي العبّاس كتابَه في أعلام مالَقةَ (٢). ويؤثَرُ من تنديرِه المُستَطْرَف (٣): أنه دَخَلَ يومًا على بعض الوُلاة بمالَقةَ فسَألَ الوالي عنه كاتبَه أبا محمدٍ عطاءَ بنَ غالب الهَمْدانيَّ المعروفَ بابن أُختِ غالب، فقال عطاءٌ: هُو رجُلٌ من أهل البادية، فقال أبو محمد:


(١) السفر الذي يحيل عليه المؤلف مفقود، وتنظر ترجمة أبي الحجاج ابن الشيخ في صلة الصلة ٥/ ٢٨٥.
(٢) ذكره السخاوي في الإعلان (٦٤٠).
(٣) وردت القصة في صلة الصلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>