للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: ونَقلتُه من خطِّه [البسيط]:

إنّا إلى الله مِن دُنيًا مضَتْ وقَضَتْ ... ولم أَبِتْ وَجِلًا من خشيةِ الله

تُرِي البِطالةُ في ميدانِها بطلًا ... منّي وآنَسُ أن أَلهو معَ اللاهي

يامن أُرجِّيه في سِرِّي وفي عَلَني ... كما يُرَجِّيه حقًّا كلُّ أَوّاهِ

حرَفتَني الجاهَ في الأُولى وحُرمَتَهُ ... فاجمَع ليَ الحظَّ في الأُخرى معَ الجاهِ

ياربِّ إنْ فئتُ عن شيبٍ قَدَ اكرَهَني ... عسى قَبُولُ مَتَابي بعدَ إكراهِ

نَفْسي التي أورَطَتْني غيرُ مُبقِيةٍ ... ما أورَطَتْني -وحقِّ الله- إلّا هي

أنشَدتُ ذلك كلَّه على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ عنه، وشعرُه كثيرٌ جيِّد. وكانت بينَه وبينَ أبي إسحاقَ الزَّوَاليِّ وغيرِه من أُدباءِ وقتِه مُخاطَباتٌ تشةدُ بمَتانةِ أدبِه وبَراعته، وقد مَرَّ له ذكْرٌ ببعض نَظْمِه في رَسْم أبي إسحاقَ الزَّوَالي؛ أنشَدَ قولَ الشاعر (١) [الكامل]:

ما بالُ شيخٍ قد تَخَدَّدَ لحمُهُ ... أفنَى ثلاثَ عمائمٍ ألوانا

سوداءَ حالكةً وسَحْقَ مُفَوَّفٍ ... وأجَدَّ لونًا بعدَ ذاك هِجَانا

قال أبو القاسم: أخَذْتُه فأحدَثْتُ فيه معنًى طريفًا لم أُسبَقْ إليه، وهو [البسيط]:

مُبيضُّ شَعريَ كالقِرطاسِ ناصعُهُ (٢) ... وقبلَ ذا كان لونَ الحبرِ بَرَّاقا

وصار من شَمَطٍ يحكيهِ مُكتَتَبًا ... حتى متى كان هذا الدهرُ وَرَّاقا؟!


(١) البيتان من قصيدة تنسب لغير ما شاعر؛ فهي للنابغة الجعدي في حماسة البحتري: ٢٠٧، ولأبي محلم في شرح المختار: ٣٣٤، ودون نسبة في الكامل ١/ ٢٠٤، وفي المعمرين: ٩٣ رواها المدائني عن أبي الشماخ الطائي.
(٢) ناصعه: سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>