للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُم رحَلَ حاجًّا عامَ أحدٍ وستينَ وخمس مئة، فلَقِيَ في وِجهتِه أعلامًا رَوى عنهم، منهم بالجزائر: أبو محمد عبد المُنعِم بن عَشِير قرَأَ عليه وأجازَ له، وأبو يوسُفَ حَجَّاجُ بن سَكاتّه قرَأَ عليه وناظَرَ عندَه، وبالإسكندَريّة أبو الطاهِر السِّلَفيُّ وابنُ عَوْف، قرَأ عليهما وسَمِعَ وأجازا له، وبمكّةَ كرَّمها اللهُ أبو الحَسَن بنُ عبد الله ابن حَمُّود المِكْنَاسيّ الطّويلُ الجِوار بحَرَم الله، فأكثَرَ عنه وأجاز له. وقَفَلَ إلى الأندَلُس فتصَدَّر بمالَقةَ للإقراءِ والتحديث.

رَوى عنه آباءُ القاسم: ابنُه، والقاسمان: ابنُ الأصفَر وابنُ الطَّيْلَسان، وابنُ فَرْقَد، وأبَوا بكر: ابنُ سيِّد الناس وابن عبدِ النُّور، وأبَوا جعفرٍ: الجَيّارُ وابنُ يوسُف الواشِريّ، وأبو الحَجّاج المربلي، وأبَوا الحَسَن: ابن أحمدَ بن مَسْعود المُحارِبي وابن عبد الوَدود، وأبو الخَطّاب بن خَليل، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ الواشِريُّ وابن عَسْكَر وابن قاسم الهاشِميّ، وأبو العبّاس بن هارونَ، وأبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن سَمعان، وأبو عَمرو بنُ تَقِيّ، وآباءُ محمد: ابنُ أبي بكرٍ الأبّار والحَرّارُ والكَوّاب، وحدَّثنا عنهُ من شيوخِنا: أبو جعفرٍ الطّنْجَاليّ، وأبو الحَسَن الرُّعَيْني، وأبو الحُسَين اليُسْر.

وكان شيخًا صالحًا وَرِعًا زاهدًا ناسِكًا، صحيحَ الاعتقاد، مُعوِّلًا على مذهب مالك مُعظِّمًا له، رحيمَ القلبِ سَريعَ البُكاء عند ذكْرِ الصّالحين، قديمَ الطّلَب للعِلم، حاملًا لكتابِ الله وسُنّة رسُولِه - صلى الله عليه وسلم -، مُواظِبًا على تلاوة القرآن كثيرَ النُّصْح في إقرائه مُتثبِّتًا، لا يَشغَلُه عن سَماع القارئ عليه شيءٌ ولا يبتغي على إقرائه (١) أجرًا إلّا منَ الله تعالى، أقرَأَ قديمًا، وأذِنَ له شَيْخُه أبو القاسم السُّهيْليُّ في الإقراءِ بمجلِسه شهادةً له بالتحصيل والإدراك.

مَوْلدُه [٣٤ ظ] لثِنْتَي عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من ذي حِجّةِ عام ستٍّ وعشرينَ وخمس مئة، قاله أبو عبد الرّحمن بنُ غالبٍ وقَطَعَ به، ونحوُه وقَفْتُ عليه في خطِّ أبي عبد الله بن أحمدَ الواشِريّ.


(١) "متثّبتًا ... إقرائه": سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>