للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَسَن: شُرَيْح وابنُ مَوْهَب وابنُ الإمام، وأبَوا عبد الله: الجَيّانيُّ البغدادي وابنُ أبي أحَدَ عَشَر. وصَحِبَ أبا الحُسَين عبدَ الملِك ابنَ الطَّلاء، وأبا الحَكَم بنَ بَرَّجَان، وأبا القاسم ابنَ بَشْكُوال، وأبا الوليد بنَ مُفرِّج، وسَمِعَ منهم كثيرًا وأجازوا له لفظًا؛ وصَحِبَ من رجال التصوُّف، سوى مَن ذَكَرَ، أبا العبّاس ابن العَرِيف.

رَوى عنه أبو الحَسَن بن مُؤْمن، وأبو الخليل: مُفرِّج بن سَلَمةَ، وأبو الصَّبر الفِهْريُّ، وأبَوا محمد: ابنُ محمد بن فَلِيج وعبدُ الجليل بن موسى القَصْري؛ وكان في فَتائه إذْ رَحَلَ إلى قُرطُبة قدِ استكتبَه الحاجُّ ابنُ بُلْكَاس اللَّمْتُونيّ فحَظِيَ عندَه كثيرًا واستَولَى عليه، وبَقِيَ معَه كذلك مُدّةً ثم رَفَضَ ذلك وتخَلى عنه زُهدًا فيه، وتصَدَّق بما ملكَتْه يمينُه أجمَع.

قال أبو العبّاس أحمدُ بن إبراهيمَ الأَزْديّ (١): سمِعتُ أبا الصَّبر أو عبدَ الجليل يقول: وَرِثَ أبو الحَسَن بنُ غالب من أبيه نحوَ اثنَيْ عَشَرَ ألفَ دينار، فخَرَجَ عنها كلِّها تورُّعًا، فقال له أبو العبّاس ابنُ العَرِيف: يا أبا الحَسَن، هلّا طهَّرَه الثُّلث؟ ثُمَّ إنّ أبا الحَسَن آثَرَ الخُمولَ والسياحة، وطافَ البلادَ في لقاءِ العلماءِ والزُّهّاد، وانقَطعَ معَهم وألزَمَ نفْسَه من أنواع المُجاهَداتِ كثيرًا. ثُمَّ لمّا كانت فتنةُ الأندَلُس دارت عليه دوائرُ كادت تَنالُ منه، فخَلَّصَه اللهُ منها بجميلْ صُنعِه وما عَوَّدَ أولياءهُ من ألطافِه، وفارَقَ الأندَلُسَ بعدَ تردُّدِه في كثيرٍ من بلادها حتّى استَوطَنَ قَصْرَ كُتَامةَ، وصار إمامَ الصُّوفيّة وقُدوتَهم، يقصِدونَ إليه ويَهتَدونَ بآثارِه ويَقتَبِسُون من أنوارِه.

قال أبو العبّاس بن إبراهيمَ الأَزْدي (٢): سمِعتُ عبدَ الجليل أو أبا الصَّبرِ يقول: كنتُ أحضُرُ مجلسَ أبي الحَسَن فيَحضُرُه جماعةٌ من المُشَاةِ في الهواء، وكان فيهم رجلٌ يَظهَرُ في وجهِه كأثَرِ حَرْقِ النَّار منَ احتراقِ الهوى.


(١) ورد الخبر في التشوف: ٢١١.
(٢) انظر التشوف: ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>