للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو الحَسَن هذا رحمه الله وقُطع رأسُه، وذلك يومَ الثلاثاءِ لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من ذي حِجّةِ تسع وثلاثينَ وخمس مئةٍ وقد قارَبَ السبعينَ من عُمرِه، وتسَنَّم ابنُ هُود وفَلُّ جُندِه الأوعارَ وشواهقَ الجبالِ حتى أطَلُّوا على غَرناطة، فأَلْفَوْا بسَفْح بعضِ الجبال هنالك عسكرًا للَمتُونةَ نزَلَ هنالك تضييقًا على أهل البلدِ من تلك الجهة، يَرأَسُه أبو [عبد الله] (١) ابن وانودين (٢)؛ فلمَّا عايَنُونهم مُنحدِرينَ من أعالي الجبال عَلِموا أنّهم مُنهزِمون، فرَكِبوا إليهم من فَوْرِهم وقَصَدوا إلى الموضع الذي رامُوا الدُّخولَ منه إلى غَرناطة، وهو بابُ مَوْرُور، فتَلاقَى الفريقانِ بمقرُبةٍ منه، وتقاتلوا تقاتُلًا شديدًا، فقُتل من جماعة ابن هُود جُملةٌ كثيرة، منهم: أبو جعفر بنُ عَطِيّةَ المذكور، وقُطعَ رأسُه وحُملَ إلى محَلّة ابن وانودين، وأُدخِل جسَدُه إلى البلد، وكاد ابن هُود يُقبَضُ عليه لولا أنه حُمِيَ من أعلى السُّور وفُتح له بابُ مَوْرُور فدَخَلَ عليه معَ مَن نَجا من حزبِه؛ ورُمي في تلك العَشِيّة برأس الخطيبِ أبي الحَسَن بالعَرَّادةِ (٣) من القَصَبة إلى المدينة، حَنَقًا عليه وإبلاغًا في التشفِّي منه، فدُفنَ بالمدينة ضُحى يوم الغد، وهُو يومُ الأربعاءِ لعَشْرِ بقِينَ من ذي حجّة المذكور، وصَلّى عليه الفقيهُ أبو عبد الله الفاسيُّ، ولم يكنْ جسَدُه حيث يُوصَلُ إليه، ولا يُعرَفُ لو تَأتَّى الوصُولُ إلى القَتْلى الذين كان منهم لكثرتِهم، نفَعَه الله؛ ولمّا دَخَلَ ابنُ هُود إلى غَرْناطةَ انتَقلَ ابنُ وانودين إلى القصَبة مُنضافًا إلى مَن كان بها من قومِه، وأصبح النَّاسُ إلى موضع محَلّتِه، فألفَوْا به رأسَ أبي جعفر، فسِيقَ إلى المدينة وضُمَّ إلى جسَدِه ودُفن، رحمةُ الله عليه (٤).


(١) بياض في النسخ، وكنيته مستفادة من البيان المغرب لإبن عذاري حيث تكرر ذكره.
(٢) في م ط: "واخودين".
(٣) العرادة: شبه المنجنيق.
(٤) ها هنا موضع ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: (علي بن عبد الله بن الحاج الحارثي غرناطي فيما أحسب أبو الحسن بن عمادي اشتغل أول أمره بالكتابة والعمل ثم رجع إلى صناعة التوثيق وألف فيها كتابًا مختصراً وكان صالحاً متعبدًا منقبضًا عن الناس كثير التلاوة لكتاب الله تعالى والصلاة، توفي سنة ست وست مئة". (قلنا: انظر صلة الصلة ٤/الترجمة ٢٥٥). =

<<  <  ج: ص:  >  >>