للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الحج: ١٠] وأطال سِجنَه؛ ولمّا قَدِمَ على المُستنصِر وتبَرَّأَ عندَه مما نُسِب إليه من هَجْوِ المَجْرِيطي نَفَذَ أمرُ المُستنصِر بإعدائه على المَجْرِيطيِّ وتمكينه منه وتحكيمِه فيه حتى ينتصفَ منه بمثِلِ ما جنَى عليه، وانقَلبَ ابنُ حَزْمونَ بهذا الأمر فلم يصِلْ إلى الأندَلُس إلّا والمُستنصِرُ قد توفِّي، ولم يَبْلُغْ إلى أملِه من المَجْرِيطي، فاشتدَّ أسَفُه لذلك؛ ومن شعرِه [مخلع البسيط]:

يا مَن لهُ بالأنامِ أُنْسٌ ... وهْو إلى اللهوِ ذو التفاتِ

حالُكَ في المُوبِقاتِ حالي ... قَدُّ قناةٍ على قناةِ

أَستغفرُ اللهَ من ذنوب ... أنا بها نازلُ الصِّفاتِ

لكنَّ حَشْوَ الحَشَاء رجاءٌ ... [...] في واسع الجِهاتِ

ياربِّ عَفْوًا لِما تقَضَّى ... وتوبةً في الذي سياتي

ومنه، وقَصَدَ إلى بعضِ الرؤساء، وهو أبو سَعيد بنُ جامع، وكان لدارِه بابانِ، فرَقَبَ خروجَه ليَلقاهُ في أحدِ البابَيْن، فقيل: إنهُ خرَجَ من الباب الآخرَ، فقال، [البسيط]:

نعوذُ بالله مِن وَجْدٍ ومن بَيْنِ ... ومن وقوفٍ على دارٍ ببابينِ

ومنْ زيارةِ أرباب بلا عَدَدٍ ... لا يملِكونَ حياتي لا ولا حَيْني

إنِّي وَجَدْتُهمُ لمّا رَجَوتُهُمُ ... كالريحِ تطلُبُها (١) ما بينَ كفَّيْنِ

وهذه القصيدةُ التي رَفَعَ إلى المُستنصِر شاكيًا بالمَجْرِيطي [الطويل]:

إليكَ إمامَ الحقِّ جُبْتُ المَفاوِزا ... وخَلَّفْتُ خَلْفي صِبْيةً وعجائزا

يُرَجِّينَ سَيْبَ الله ثم حَنانَكُمْ ... إمامَ الهوى حتى يَمُتْنَ عزائزا (٢)


(١) في م ط: "تقلبها".
(٢) في م ط: "عجائزا".

<<  <  ج: ص:  >  >>