للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحمدَيْن: ابن عليّ بن خَلَف القَيْسيّ، والأنصاريّ، وأبو عليٍّ ابن الشَّلَوبِين، وأبو الفضائل إسماعيلُ بن أبي الوفاءِ المِصْريُّ، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن بن عليّ ابن القاسم الحِمْيَريّ، وأبو محمد بنُ أحمدَ بن خَلَف اللَّخْميُّ، وآباءُ مَرْوانَ: الباجِيُّ وابن عبد العزيز اللَّوَاتي وابنُ هارونَ، وأبو [....] (١) عبد الرّحمن بن خَلَف الرُّطُنْداليّ، وأبو زكريّا يحيى بن محمد بن أبَان.

وكان من جِلّة المُقرِئينَ، صَدْرًا في المُتقِنينَ لأداءِ الحروف، قد أحكَمَ القراءةَ على أبيه وتصَدَّرَ للإقراءِ بعدَه وخَلَفَه في حَلَقتِه، وهو ممن يُشارُ إليه بالتجويد، ثم سَمَتْ به همّتُه وحَمَلَه الحِرصُ على الاستزادةِ منَ الاستفادةِ على أنْ قَصَدَ كبيرَ أصحابِ أبيه الآخِذينَ عنه والقارئينَ عليه، وهو أبو الأصبَغ السُّماتي ابنُ الحاجّ واحدُ عصِره في الإتقان، فرَغِبَ في القراءةِ عليه فأبَى من ذلك أبو الأصبَغ عليه تواضُعًا منه وتأدُّبًا معَه،؛ لمكانِه من الجَلالة وتساويهما في الرواية، فلم يزَلْ يُلحُّ عليه مُزمِعًا ألّا يَنْثنيَ عن قَصْدِه، إلى أن تحيَّلَ أبو الأصبَغ له في إبلاغِه أمَلَه بأنْ أجلسَهُ إلى جَنْبِه، وأخَذَ يُقرئُ أمامَه نُبلاءَ مَن كان يقرَأُ عليه حينَئذٍ ومَهَرَتَهم، وُيصرِّفُ صَنْعةَ التجويدِ بمحضرِه حتى تأيَّدَ أبو عَمْرٍو بذلك وأكسَبَه مَلَكةَ حُسنِ الأداءِ وجَوْدة القراءةِ والإلقاء، مُعانًا على ذلك بحُسن الصّوت.

وَصَفَه بعضُ مَن لقِيَه فقال: ما كانت قراءتُه تُشبِهُ قراءةَ غيرِه، إذا سمِعتَه سمِعتَ طبعًا آخَرَ ونَغَماتٍ تُفارقُ هذه النَّغَمات. قال أبو بكر بنُ طلحةَ: كان إذا كَبَّرَ في الصّلاة لم أتمالَكْ إلّا أن أبكيَ. وكان ذا حَظّ من العربيّة، واستَدرَكَ على أبيه في كتابِه الموسُوم بـ "جالبِ الإفادة"، وكان جميلَ الهيئة معروفًا بالنّزاهةِ والعدالة والجَرْي على هَدْي سَلَفِه.

توفِّي يومَ الثّلاثاءِ لستٍّ خَلَوْنَ من جُمادى الآخِرة سنةَ خمسٍ وثمانينَ وخمس مئة.


(١) بياض في النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>