للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابِك يجِدُك قد ذكَرْتَ فيه مَن هو مِثلُه أو دونَه في العلم والصِّيت فيَسألُ عن ذلك فيقالُ له فيَتَوارَثُ العِلمَ بذلك الأصاغرُ عن الأكابر، قال: فتبيَّن له ذلك وعَلِم صحَّتَه فأقَرَّ اسمَه في الكتابِ "قلائدِ العِقْيان".

وسَتْرُ (١) هذه القصّة نحوٌ ممّا يُحكَى أنّ أبا عُيَيْنةَ بنَ محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي عُيَيْنة ابن المُهَلَّب بن أبي صُفْرةَ الأَزْديَّ كان يهوَى فاطمةَ بنتَ عُمرَ بن حَفْص هَزَارمرد (٢) ابن المُهَلَّب، وكان يَكْني عنها بدُنْيا (٣)، فتزوَّجَها خالدٌ ابن عمِّه، فلَجَّ أبو عُيَيْنةَ في هجاءِ خالد والتشبيبِ بفاطمة، فكان خالدٌ يُسَيِّرُه (٤) ويَطَّرحُ به كلَّ مُطَّرَح ويُبعِدُ نَواهُ، لئلا يجتمعَ معَها بالبصرة، فيَلَجَّ في تشبيبِه بها ويجعَلَ عليها للعَيْب والعائب سبيلًا، فكان خالدٌ إذا لَجَّ في تغريبِه وتبعيدِه لَجَّ هو في هجاءِ خالدٍ والإنحاءِ عليه وفي تذكُّر فاطمةَ والشّوقِ إلى مطالبتِها والمَلاعب التي كانا يلعَبانِ بها وَلِيدَيْنِ؛ قال أبو بكر [....] (٥) قال لي أبي، وقد تذاكَرْنا قصَّتَهما وأفضَى إلى هجائه خالدًا: ما كان أحلمَ خالدًا! ألا تراهُ كيف احتَملَ هجاءَه على مَضضِه ولم يَثِبْ به ولم يَزِدْه على التسيير والتغريب؟ ولو أراد قَتْلَه لأمكَنَه؛ لأنه إنّما كان واحدًا من قُوّادِه وتابعًا له ومضمومًا إليه، ولكنّه خافَ أن يحقِّقَ بقتلهِ قصّةَ فاطمة، فرأى احتمالَه هجاءه أصغرَ شأنًا وأيسَرَ أمرًا.

توفِّي بمَرّاكُش ليلةَ الأحد لثمانٍ بقِينَ من محرَّمِ تسع وعشرينَ وخمس مئة، أُلفِيَ في بيتٍ بفُندقِ لبيبٍ مَوْلى [....] (٦) اللَّمْتُونيّ، أحدِ فنادقِ مَرّاكُش الخَنَويّة، وقد ذُبح وعُبِثَ فيه، وما شُعِرَ به إلّا بعدَ ثلاثٍ من مقتلِه.


(١) كذا في الأصول وله وجه صحيح.
(٢) في ح: هزاذمرد، وفوقها علامة خطأ.
(٣) انظر الكامل للمبرد ٢/ ٣١، والأغاني ٢٠/ ٢٤ - ٦٦، وذكر صاحب الأغاني سببًا آخر لهجائه خالدًا.
(٤) فوقها علامة خطأ في ح.
(٥) بياض في النسخ.
(٦) بياض في النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>