للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"مَنْ ذا يُضاهيك، وإلى النَّجم مَرامِيك، فشَأْوُكَ لا يُدرَك، وشِعبُك لا يُسلَك، أُقسم لأعقِدَنَّ (١) على عُلاك منَ الثناءِ إكليلًا، يذَرُ اللَّحظَ من سناهُ كليلًا، ولأُطوِّقَنّهُ شَرْقَ البلاد وغَرْبَها، ولأُحمِّلَنّه عُجْمَ الرجالِ وعُربَها، وكيف لا وقد نَصَرْتَني نَصْرًا مؤزَّرًا، وصَرَفْتَ عنّي الضَّيمَ عقيرًا معفَّرًا، وألبَسْتَني البَأْوَ بُردًا مُسهِّمًا، وأولَيْتَني البِرَّ فضلًا مُتمِّمًا".

وله في أعلام رُؤساءِ الأندَلُس بخَلاصِه من ثِقافِه وشكرِ ابن عبد العزيز على السَّعي في تخليصِه رسائلُ كثيرةٌ بارعةٌ ضمَّنها معَ سِواها من رسائلِه أبو الحَسَن بنُ بَسّام في كتابٍ ترجَمَه بـ "سِلْكِ الجَواهر من نوادرِ ترسيلِ ابن طاهر" (٢) -وبَقِيَ عندَه معروفَ الفضلِ مُعظَّمًا إلى أن توفّي ابنُ عبد العزيز، ثُم تغَلَّب على بَلَنْسِيَةَ طاغيةُ الرُّوم (٣)، فأسَرَه فيمَن أَسَر، ثم كيَّفَ الله إنقاذَه، فخَلَصَ إلى شاطِبةَ؛ ولمّا انتَزَعَ اللَّمتُونيُّونَ بَلَنْسِيَةَ من يد المتغلِّب عليها (٤) عاد ابنُ طاهر إليها، ولزِمَ بيتَه بنفْسِه خاليًا، وعلى ما يخُصه من شُؤونِه مُقبِلًا.

ومن إنشائه صَكٌّ بتقديم صاحبِ أحكام على بعض جِهات مُرْسِيَةَ إذ كانت إلى نظرِه (٥): "قَلَّدت فلانًا وفَّقه اللهُ النَّظرَ في أحكام فلانة، وتخيَّرتُه لها بعدَما خَبِرتُه، واستَخْلفتُه [عليها وقد عَرَفتُه، وقَلَّدتُه] (٦) واثقًا بدينِه، راجِيًا لتحصينه؛ لأنه احتاطَ فَعلِم، وإن أضاع أثِم، فلْيُقمِ الحقَّ على أركانِه، ولْيَضَع العَدْلَ في ميزانِه، ولْيُساوِ بين خصومِه، ولْيَأخُذْ منَ الظالم لمظلومِه، فقِفْ (٧) في الحُكم عندَ اشتباهِه، ونفِّذْه


(١) في م ط: "لأقعدن"، وهو خطأ بيّن.
(٢) انظر الذخيرة ٢/ ٣٥٩.
(٣) يعني السيد القنبيطور.
(٤) كان استرداد اللمتونيين الملثمين لبلنسية عام ٤٩٥ هـ على يد مزدلى وابنيه عبد الواحد وعبد الله.
(٥) ورد في القلائد (٦٤ - ٦٥).
(٦) زيادة من القلائد.
(٧) القلائد: "وليقف"، وكذلك استمر الأمر للغائب في بقية الجمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>