للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أحد، وأحلَفوهم بالأيْمان المُغلَّظة استبراءً لِما قَدَّروا غَيْبتَهم عليه، قال (١): فلمّا جاءَتْني النَّوبةُ وكانت معي حُرَم ذكَّرتُهم بالله ووعَظْتُهم فلم يُعرِّجوا على قولي ولا التفَتُوا إلى كلامي وفتّشُوني كما فتّشوا غيري، فاستخَرْتُ اللهَ تعالى ونظَمتُ هذه القصيدةَ ناصحًا لأميرِ المسلمينَ صلاح الدين بن أيّوبَ ومُذكِّرَا له بالله في حقوقِ المسلمينَ ومادِحًا له، فقلت (٢) [١٨٠ ظ] [المتقارب]:

أطلَّتْ على أُفْقِكَ الزاهرِ ... سعودٌ من الفَلَكِ الدائرِ

فأبْشِرْ فإنَّ رقابَ العِدا ... تُمَدُّ إلى سيفِكَ الباترِ

وعمَّا قليلِ يحُلُّ الرَّدى ... بكُنْدِهُم (٣) الناكثِ (٤) الغادرِ

وخصبُ الوَرى يومَ تَسْقي الثَّرى ... سحائبُ من دمِها الهامرِ

فكم لكَ من فَتْكةِ فيهمُ ... حَكَتْ فتكةَ الأسَدِ الخادرِ

كسَرْتَ صليبَهمُ عَنْوةَ ... فلله درُّكَ مِنْ كاسرِ

وغَيَّرْتَ آثارَهمْ كلَّها ... فليس لها الدهرَ من جابرِ

وأمضَيْتَ جِدَّك في غَزْوِهمْ ... فتَعْسَا لجَدِّهُم العاثرِ

فأدبَرَ مُلكُهمُ بالشآمِ ... ووَلَّى كأمسِهمُ الدابرِ

جنودُكَ بالرعبِ منصورةٌ ... فناجِزْ متى شئتَ أو صابرِ

فكلُّهمُ غَرِقٌ هالكٌ ... بتيّارِ عَسْكرِك الزاخرِ

ثأَرْتَ لدينِ الهدى في العِدا ... فآثَرَكَ اللهُ منْ ثائرِ


(١) انظر مقدمة الرحلة (٢٨) نقلًا عن العبدري.
(٢) مقدمة الرحلة (٢٨)، والنفح ٢/ ٣٨٣.
(٣) الكند: هو ما يسمى الكونت count.
(٤) في م: "الناكب".

<<  <  ج: ص:  >  >>