للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَفَةً بمنصبِه منها، على ما كان عليه سَلَفُه. وفي كُتُبِه وكُتُبِ أخيه القاضي أبي بكرٍ يقولُ رئيسُ الكُتّاب وكبيرُهم أبو عبد الله بن عَيّاش: كُتبُهما رسائل، وهي معَ ذلك دواوينُ عِلم ومسائل.

ومن شعرِه ما قالهُ ضَجَرًا بحالِه، وسَآمةً من حِلِّه وتَرحالِه، لنُوَب زمانِه، ونُبُوُ حِمصَ لأوطانِه، عندَ استيلاءِ الكفَرةِ عليها [البسيط]:

أَشكو إلى الله ما لاقَيْتُ من زمَنِ ... في غُربةٍ عارَضَتْ في مأْلَفِ الوطنِ

إذا تنكَّرَ لي حالاً تَنَكَّرَ لي ... أبناؤُهُ وأثاروا ثائرَ الإحَنِ

أحالَهمْ حالُهُ مهما انتَحَى غَرَضًا ... في الاستنانِ به في ذلك السَّنَنِ

فكم أحالَ منَ احوالٍ بجَفْوتِهِ ... وكم ألمَّ بآلامٍ من المِحَنِ

ثم رجَعَ في الحِين، إلى عَقْدِ اليقين، في قُدرةِ الله وحَوْلِه، واستغفَرَ من قولِه بقوله [البسيط]:

أستغفرُ اللهَ كم لله من مِنَنِ ... لُمْتُ الزمانَ ولا لومٌ على الزمنِ

فالأمرُ لله في الحالاتِ أجمعِها ... والكلُّ لولاهُ لم يوجَدْ ولم يكُنِ

هُو الذي خَلَقَ الأشياءَ مخترِعًا ... فالمَحْ بلامحةِ الألبابِ والفِطَنِ

وكنْ معَ الله في علمٍ وفي أدبٍ ... مستوضِحًا سَنَنَ القرآنِ والسُّننِ

قال المصنَّفُ عَفَا اللهُ عنه: في قولِ الناظم: "أجمعِها" [١٩٣ و] نظَرٌ مِن قِبَلِ استعمالِه إيّاه مُضافًا ولا تَستعملُه العرَبُ كذلك.

وأكَّد ذلك المعنى وتمَّم ذلك المبنى بقولِه (١) [البسيط]:

بمُدرِكِ العقلِ كلُّ الخلقِ مطلوبُ ... كَسْبًا ولكنْ لربِّ الخَلْقِ منسوبُ

مشيئةُ الحقِّ في الأكوانِ كائنةٌ ... علمًا قديمًا وسِرُّ الغَيْبِ محجوبُ


(١) "بقوله": سقطت من م ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>