للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الأصلُ الَّذي سَمِعَ فيه قد صارَ إليّ والحمدُ لله، وفيه خطُّ ابن الصَّلاح بتصحيح التّسميع وقد تضَمَّن إذْنَه في روايتِه عنه لكلِّ من حَصَّلَ منه نُسخة، فانتسَخَ منه جماعةٌ من جِلّة أهل العلم ونُبَلائهم، منهم: أبو الحَسَن الشارِّيُّ، وأبو عَمْرٍو عثمانُ ابنُ الحاجِّ، وأبو القاسم أحمدُ بن نَبيل وغيرُهم، ونَسَختُ منه نُسخةً لبعضِ الأصحابِ لأمرٍ اقتَضَى ذلك لم يَسَعْ خلافُه.

وأخَذَ بدمشقَ أيضًا قراءةً منه عن أبي نَصْر محمد بن هِبة الله بن مُمِيل الشِّيرازيّ.

رَوى عنه حفيدُ أخيه أبي محمد، وآباءُ عبد الله: أبو بكر بنُ أحمدَ بن سيِّد الناس وابن أحمدَ الرُّنْديّ وابنُ أبي بكرٍ ابن المَوّاق وابن الخَضّار نَزيلُ سَبْتةَ، وصحِبَه في وِجهتِه المَشْرِقيّة وحَجَّ معَه ولزِمَه إلى أن فَرَّقَ الموتُ بينَهما، وأبو عَمْرٍو عثمانُ بن أحمدَ بن العوّام، وأبو القاسم عبدُ الكريم بن عِمرانُ وأبو محمد ابن قاسم الحَرّار، ورَوى عنه بدمشقَ جماعةٌ، منهم: أبو عبد الله البِرْزَاليُّ وأبو [الحسن] (١) القَسطار وابنُ يَريم الإشبِيليُّونَ؛ وأبو محمد بنُ محمد بن أحمدَ ابن الحَجّام.

وكان من ساداتِ بييه الأفاضل ببلدِهم، ذا خَلْقٍ وَسيم وخُلُق عظيم، دُرِّيَّ اللّون أسيلَ الوَجْه حسَنَ الضَّربِ والقَدّ إلى الطُّول، قد علا بأَخَرةٍ إحدى كريمتَيْه بَياضٌ لم يَشِنْها؛ وكان كريمَ النفْس حَسَنَ اللِّقاءِ بَرًّا بأصحابِه ومُنتابِيه، متواضعًا جميلَ السَّعي في حَوائج الناسِ عمومًا وخصُوصًا، مُبَخَّتًا في تيسيرِ قضائها، متواضعًا صَوّامًا قَوّامًا سَرِيَّ الهِمّة كاملَ أدواتِ الفَضْل، خطيبَ زمانِه، مُثابِرًا على تلاوة القرآن، حافظًا للحديث، من أحسنِ الناس صَوْتًا بهما وأطيَبِهم نَغَمةً في الرادِهما، جيِّدَ الخَطّ والضَّبْط ذاكرًا للفقه، استُقضيَ ببلدِه أيامَ إمارةِ أبي العلاءِ إدريسَ ابن المنصُور من آل عبد المُؤمن وبعدَها،


(١) في هامش ح: "هو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم الإشبيلي القسطار".

<<  <  ج: ص:  >  >>