للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان المَرْكَبُ يَسيرُ كلَّ يوم من سَرقُوسةَ إلى عَكّا مئةَ ميل، فدَخَلَ عَكّا يومَ الأربعاءِ لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَت من رجَب، وقَدِمَ دمشقَ غُدوةَ يوم [....] (١) لسبع خَلَوْنَ من رَمَضان، وأقام بها إلى مُنتصَفِ شوّال، فخَرَجَ منها معَ الرَّكْبِ الشاميِّ، وكان له سبعةُ أعوام لم يتَوجَّهْ إلى مكّةَ شرَّفها اللهُ، فصار إلى بُصْرَى في أربعةِ أيام إلى الأزرق إلى تَيْماءَ إلى خَيْبَرَ إلى مدينة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كرَّمَها اللهُ، وزارَ قبرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأقام بها يومَيْنِ، وانفصَلَ على طريقِ الرَّكب إلى وادي العَقِيق وبئرِ عليّ وذي الحُلَيْفة ومنها أحرَمَ إلى شِعب عليّ إلى بَدْرٍ إلى رابِغَ إلى الجُحْفة إلى بطنِ مرّ إلى مكّة، شرَّفَها اللهُ، فقَدِمَها لأرَبعٍ خَلَوْنَ من ذي الحِجّة فنزَلَ بالأبطَح.

ولمّا قضَى فريضةَ الحجّ نَزلَ بدارِ إمام المالكيّة عندَ باب العُمرة، وكان من أمَلِه التوجُّهُ إلى العراق، فإذا الرَّكْبُ العراقيّ لم يَصِلْ إلى مكةَ تلك السَّنةَ خوفًا من عاديةِ الكافِر التُّركي، ثُم خَرَجَ من مكّةَ، زادَها اللهُ شَرَفًا، في محرَّمِ خمسٍ وثلاثينَ متوجِّهًا إلى مِصرَ، فسَرَى مُدلِجًا لشدّةِ الحَرِّ بالنّهار إلى حَدّةَ ومن حَدّةَ إلى جُدّةَ، ومنها رَكِبَ البحرَ، فمالت به الرِّيحُ إلى سُلَق في يوم وليلة، فسار منها مُصعِدًا إلى دبادبَ وخَرَجَ في البَرّ وسار منها ثمانيةَ أيام إلى عيذابَ في سَحْراءِ (٢) البُجَاة، وهم نصارى سُودٌ، وأقام بها نحوَ ثمانيةٍ وعشرينَ يومًا، وقَطَعَ سَحْراءَها (٢) في عشرينَ يومًا إلى قَنَا، وكان بهذه الرُّفقةِ في نحو سبعينَ رجُلًا، فلقِيَهم في تلك الصَّحراءِ قومٌ من النُّوبة دَخَلوها للغارة، فسَلَبوا الرُّفْقةَ، وسار من قَنَا إلى قُوصَ في يوم.

وكان الملِكُ الكاملُ قد توَجَّه إلى دمشقَ وجِهاتِها ذلك العام يُحاولُ رَدَّ البلاد التي كانت لأخيه الأشرفِ إلى طاعتِه، فوافاهُ وهُو بالورادةِ من طريق دمشقَ


(١) بياض في النسخ.
(٢) كذا بالسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>