للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوُرْقُ تَشْدو والأراكةُ تَنْثني ... والشمسُ تَرفُلُ في قميصٍ أصفرِ

والرّوضُ بينَ مذهَّبٍ ومُفَضَّضٍ ... والزَّهرُ بينَ مُدَرْهَمٍ ومدنَّرِ

والنهرُ مرقومُ الأباطح والرُّبَى ... بمُصَنْدَلٍ من زَهْرِه ومُعَصْفَرِ

وكأنهُ وكأنّ خُضرةَ شَطِّه ... سَيْفٌ يُسَلُّ على بساطٍ أخضرِ

وكأنّما ذاك الحَبَابُ فِرِندُهُ ... مهما طَفَا في صفحِهِ كالجوهرِ

وكأنه، وجِهاتُهُ محفوفةٌ ... بالآسِ والنُّعمانِ، خَدُّ مُعذَّرِ

نهرٌ يَهيم بحُسنِهِ من لم يَهِمْ ... ويُجيدُ فيه الشعرَ مَنْ لم يَشعُرِ

ما اصفَرَّ وَجْهُ الشمسِ عند غروبِها ... إلّا لفُرْقةِ حُسْنِ ذاك المنظرِ

قال شيخُنا أبو الحَسَن، رحمه الله: هذا من الشّعرِ الفائقِ الرائق الذي لا نظيرَ له.

قال: وأنشَدني قطعةً أخرى [الكامل]:

أرأَتْ جفونُكَ مثلَه مِنْ منظرِ ... ظِلٌّ وشمسٌ مثلُ خدِّ مُعذَّرِ

وجداولٌ كأراقمٍ حَصْباؤها ... كبطونِها وحَبابُها كالأظْهُرِ

قال شيخُنا أبو الحَسَن: هذا التتميمُ العجيبُ في تشبيه الجداولِ بالأراقم زَعَم أنه لم يُسبَقْ إليه.

وقَرارةٍ كالعَشْرِ ثَنْيَ خميلةٍ ... سالت مَذانبُها بها كالأسطُرِ

فكأنّها مشكولةٌ بمُصَنْدَلٍ ... من يانعِ الأزهارِ أو بمُعَصْفَرِ

أملٌ بَلَغْناهُ بهَضْبِ حديقةٍ ... قد طرَّزَتْهُ يدا الغَمام المُمطِرِ

فكأنه والزّهرُ تاجٌ فوقَهُ ... مَلِكٌ تجلَّى في بساطٍ أخضرِ

راقَ النواظرَ منه رائقُ منظَرٍ ... يَصِفُ النَّضارةَ عن جِنانِ الكوثرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>