للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن سِرِّ السرورِ لنا مِهَادٌ ... وفوقَ رؤوسِنا منه عُروشُ

وقد راشَ الشّبابُ جناحَ أُنْسي ... بحيثُ جناحُ غيري لا يَرِيشُ

فيا عَجَبًا من الأيام تُبدي ... لنا دَعَةً وأيدينا تَبُوشُ

أَلا لله منكَ صَفِيَّ وُدٍّ ... لهُ رُجْحانُ حِلمٍ ما يَطيشُ

تَمازجَ رُوحُهُ حُبًّا برُوحي ... فما أدري بأيِّهما أعيشُ

كتبتُه يا سيّدي والوُدّ تَنْدَى عَرارتُه، وتفهقُ بالعَذْبِ النَّمير قَرارتُه، لا مزيدَ فيه فأُبيِّنَه، ولا غائبَ منه فأشخِّصَه وأُعيِّنَه، عن شَوْقٍ يُطارحُ الحَمَام، ودمع يُساجلُ الغَمَام، وذكْرٍ متى عَنّ لي تفَجَّعتُ فتوَجَّعت، ولربّما سَجَعتُ فرَجَّعت [الوافر]:

أبا عَمْرٍو متى تَقْضي اللّيالي ... بلُقياكمْ وهُنّ قَصَصْنَ رِيشي؟!

أَبَتْ نَفْسي هوًى إلّا شَرِيشًا ... ويا بُعْدَ الجزيرةِ من شَرِيشِ!

وأخبَرَنا أنه اجتَمعَ في مُرْسِيَةَ بأبي بحرٍ صَفْوانَ بن إدريسَ (١)، قال: وكنّا مُزمِعينَ على فُرقةٍ وبَيْن، فقال لي: أجِزْ [مخلع البسيط]:

أنتَ معَ العينِ والفؤادِ ... دنَوْتَ أو كنتَ ذا بِعادِ

فقلت [مخلع البسيط]:

فأنت في القلبِ في السُّوَيْدا ... وأنت في العينِ في السَّوادِ

ومنه [الرمل]:

مَثَلُ الرِّزقِ الذي تَطلُبُهُ ... مَثَلُ الظّلِّ الذي يمشي مَعَكْ

أَنت لا تُطلْبُهُ متَّبِعًا ... فإذا وَلَّيْتَ عنه تَبِعَكْ


(١) قال المعلق بهامش ب: "أخبرني الخطيب الصالح أبو عبد الله بن صالح ببجاية، قال: أخبرني القاضي أبو محمد بن برطله، قال: أخبرني الأديب أبو عبد الله المعروف بمرج الكُحل، قال: اجتمعت بمرسية مع أبي بحر، وذكر القصة".

<<  <  ج: ص:  >  >>