للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوى عنه آباءُ بكر: بِيبَش وابنُ رِزْق وابن هُذَيْل، وأبو جعفر بن عَوْن الله الحَصّار، قاله ابنُ الزُّبَير فانظُرْهُ، [٦٢ ب] وقال: هُو آخرُ من رَوى عنه؛ وأبوا عبد الله: ابنُ عبد العزيز بن سَعادةَ وابن هِشام ابن الصَّفّار، وأبو عبد الملِك مَرْوانُ بن عبد الله بن عبد العزيز، وأبو العبّاس الأُقْلِيجيّ وأبو عُمر يوسُفُ بن عَبّاد، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وآباءُ محمد: ابنُ محمد والأَشِيريّ وعبدُ المُنعم ابن الفَرَس. ورَوى عنه بالإسكندَريّة: أبو العبّاس السَّرَقُسْطيُّ ابنُ الفقيه وأبو الطاهر السّلَفيّ، وبمكّةَ شرَّفَها الله: قاضي الحَرَمَيْنِ أبو المظفَّر، كما تقَدَّم.

وكان آخرَ المَهَرةِ من مُجوِّدي القرآن ومُتْقني أدائه، ومن جِلّة المحدّثين، من أهل الضَّبْط لِما رَوى والتقييد والثِّقة والذّكاء وجَوْدة الخَطّ والنُّبْل وحُسن الوِراقة، كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَ ضبطَه، كان بخطِّه عندَ أبي عبد الله بن نُوح نسخة من "جامع التَّرمذي" في سِفْر، فكان شديدَ الضَّنَانة به، وكان لديه في غاية العزّة عليه؛ وانتهت إليه الرِّياسةُ في معرفة القراءات وعِلَلِها، معَ الحظِّ الوافر من الحديث، وحفظِ أسماءِ رجالِه، إلى مشاركة في علوم كثيرة، وكان الغالبَ عليه علمُ القراءات والأدب. وأقْرَأَ القرآنَ وأسمَعَ الحديثَ ودرَّس النَّحوَ والأدبَ طويلًا، وشُهِر بالصِّيانة والتعفُّف والوَرَع والفضل، ورَحَلَ الناسُ إليه للسَّماع منه والقراءة عليه لعلوِّ روايته واشتهار إمامتهِ وعَدالتِه؛ كان أبو عبد الله بن حَمِيد يقول: لو رآه أبو عَمْرٍو (١) لَسُرَّ به.

وحَمَلَ عليه القاضي أبو عبد الملِك مَرْوانُ بن عبد الله بن عبد العزيز المتأمِّرُ، عند خَلْع اللَّمْتُونيِّينَ، في تقلُّد الخَطابة بجامع دانية، فتقَلَّدَها عن غيرِ رغبة، فكان إذا سُئل عن حالِه يقول: حالُ شيخٍ ابنِ سبعينَ سنة، يَطلُعُ على هذه الأعوادِ فيَكذِب!

وُلد بدانِيَةَ اللّيلةَ الحاديةَ والعشرينَ من رَمَضانِ اثنَيْنِ وسبعينَ وأربع مئة، وتوفِّي بها عصرَ يوم الأحد لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من محرَّمِ سبع وأربعينَ


(١) يعني: أبا عمرو الداني المقرئ المشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>