(٢) ترك المؤلف بياضًا بعد ذلك فكأنه أراد إيراد الحكاية المستطرفة التي ذكرها الشريشي في "المقامات" ٣/ ١٢٣ وها هي ذي: "حدثني الفقيه أبو عبد الله بن زرقون في بستانه بطريانة أيام قراءتي عليه النوادر والكامل، وكان رحمه الله ذاكرًا بالطريقة الأدبية مع تميزه بالطريقة الفقهية فدارت بيني وبينه في إحدى العشيات أنواع من المذاكرات في فنون أدبيات فاهتز، رحمه الله، وهش وأظهر السرور بي وأنا يومئذ غلامٌ ما بقل عذاري فقال: لقد علمت أن بيني وبينك أخوة. قلت: وكيف ذاك يا سيدي؟ فقال: إني ولدتُ ببلدك شريش، فزدتُ بالحديث غبطة واسترحت منه، فقال لي: ومع ذلك فثم قصة مستطرفة: اعلم أني كنت اجتزتُ بشريش قافلًا من العُدوة مع الفقيه أبي بكر بن العربي، رحمه الله، فلما صرنا في بطاحها وبين كرماتها وجنّاتها أخذ الفقيه أبو بكر يثني عليها بكل لسان، على كثرة ما رأى من البلدان ويقول: إن الأشياء التي جُمعت فيها لا تكاد تجتمع في بلدة من كثرة الزرع والضرع والزيت والعصير والملح =