للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان محدِّثًا راوية وَرّاقًا بارعَ الخَطِّ حَسَنَ التقييد، تأريخيًّا بصيرًا بالخُطوط عارفًا بعُزْوتِها إلى كُتّابِها، شديدَ العناية باقتناءِ ذخائرِ الكُتُب وأعلاقِها، مُنافِسًا فيها مُغالِيًا في أثمانِها، واجتَمعَ عندَه منها ما لا شيءَ فوقَه كثرةً وجَوْدة، ويَذكُرُ في سببِ ذلك أنّ مجاعةً حدَثَت في بعضِ بلاد الرّوم فأوسَقَ مَرْكَبًا كبيرًا بالزَّرع وأوعَزَ إلى مُتحمِّلهِ ألّا يبيعَ لهم شيئًا منه إلّا بالكُتُب، وكان حَسَنَ المعرفة بانتقائها فجُلِبَ له منها الكثيرُ النَّفِيس الذي عَجَزَ عن الاتّصال به كثيرٌ من أبناءِ عصرِه، ووَقَفْتُ على خطِّ أبي القاسم ابن بَشْكُوالَ له وقد ناوَلَهُ "الصِّلةَ" وغيرَها من مصنَّفاتِه، وفيه: وكتَبَ بخطِّه على سبيل الطاعة له، واللهُ يَصُونُ قَدْرَه ويُجمّلُ ذكْرَه، وتاريخُه [....] (١).

٦١٦ - محمدُ (٢) بن سَعِيد بن محمدٍ المُراديُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله.

تلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل وسَمِع منه، وأبي عليّ بن عَرِيب، ورَوى عن آباء بكر: عبد الله بن حَمِيد وابن سَعَادةَ وابن عبد الرّحمن وابن أبي ليلى، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي محمد عاشِر، وأجازوا له جميعَ رواياتِهم إلّا ابنَ أبي ليلى. وكتَبَ إليه مُجيزًا: أبو الحَسَن: ابن فَيْد وابنُ النِّعمة، وأبو [٧٩ ب] القاسم ابنُ بَشْكُوال، وأبو محمد بن عُبَيد الله.

رَوى عنه أبو بكرٍ محمدُ بن غَلْبُون، وأبو عبد الله بنُ عليّ بن خالد، وأبو عبد الله بن إبراهيمَ بن جَوْبر، وأبو عُمرَ بن حَوْطِ الله، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وأبو محمد بن عبد الرّحمن بن بُرْطُلّه.

وكان مُقرِئًا مجوِّدًا محدّثًا ضابِطًا، أديبًا فاضلًا، وله في مخارج الحُروف رَجَزٌ حَسَن، وأقْرَأَ وأسمَعَ، وكان كبيرَ المُقرِئينَ ببلدِه في وقتِه.


(١) بياض في النسختين.
(٢) ترجمه ابن الأبار في التكملة (١٥٧٠)، والذهبي في المستملح (٢٢١) وتاريخ الإسلام ١٣/ ١٣٥ ومعرفة القراء الكبار ٢/ ٥٩٤، وابن الجزري في غاية النهاية ٢/ ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>