للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القائم على نشرها (المحقق أو المصحح) بموضوعِ النَّص وقُدرته على قراءَةِ النص قراءةً صحيحةً وفَهْمه فَهْمًا قويمًا يبعدُه عن كَثْرة الخطأ والتَّصحيف والتَّحريف. ومَن يُطالع الطبعات المتقنة التي أخرجتها مطبعة بُولاق -مثلًا- يعلمُ أنَّ كبار المحققين لم يكونوا قادرين على إخراج نصوص أتقن ولا أصح من بعض تلك الطبعات. كما ظهرت في الوَقْت نفسه كتبٌ محققةٌ اقتصر فيها محققوها على ما هو ضروري من التَّعليقات.

ومما يؤسف عليه أن تظهرَ في العقودِ الأخيرة من المئة الماضِية عشرات النُّصوص وقد بالغَ محققوها بتعليقات لا مُسَوِّغ لها كأن المحقق يريد تفخيم النص الذي يحققه، أو تَوْبَلة الكتاب بها، تاركًا خلفه الصَّعْب المُبْهَم الذي هو بالتَّعليق خليق، فظهرَ من الكُتب ما هو محرف النَّص أو ناقصه، لكنه في الوَقْت نفسه مليء بتلك التَّعليقات التي لم تخدم النص، فظنَّ بعضُهم أنَّ هذا هو التحقيق الدَّقيق.

لقد بَيَّنتُ فيما تقدم أنَّ التَّعليق الذي لا بد منه هو ذاك الذي يتوصَّل به المحقق إلى ضَبْط النص من حيث تنظيم مادة النص بما يُظهر معانيه ويوضح دلالاته، وتقييده بالحركات الضرورية التي تؤدي إلى قراءةٍ صحيحة وما يستلزمه كل ذلك من رجوع إلى الكُتب المعنية بهذا الفن، وتثبيت الاختلافات المهمة بين النُّسخ والترجيح بينها وما يحتاجه من تعليق يُعَلَّل به ذاك الترجيح، والإشارة إلى الموارد التي اعتمدها مؤلف النص بعد الرجوع إليها سواء أكان قد صَرَّح بها أم أغفل التصريح وتأكد للمحقق اعتماده عليها، والعناية بإثبات الاختلافات الجوهرية بين تلك الموارد والأصول وبين النص الذي ذكره المؤلف مقتبسًا منها، ثم متابعة النقول التي اقتبسها منه المؤلفون الذين جاءوا بعده وتثبيت مواضعها ولا سيما فيما يتصل بالنَّاقلين المُتْقنين، كلُّ ذلك من أجل خدمة النص وتوثيقه وتصحيح نسبته.

على أنَّ هناك من التعليقات ما يمكن أن يقدِّمَ خدمةً إلى القارئ والباحث والمستفيد، فيُيَسِّر له مزيدَ استفادةٍ من النص، باعتبار أنَّ المحققَ الذي سَبَرَ غَوْر

<<  <  ج: ص:  >  >>